«سلالة جديدة» بحاجة لـ «إعلام متجدد» !
سر النجاح في بداية جائحة كورونا وتحديدا خلال أشهر الاغلاق الشامل، وما تلاها بقليل، كان في الادارة المشتركة المتجانسة والخطاب الاعلامي « الموحّد «، والمراجعة والمتابعة أولا بأول، اضافة الى الشفافية والوضوح، الأمر الذي ساعد جميع المواطنين على تلقي المعلومة من مصدر واحد، وقلّص كثيرا « فجوة الثقة « بين الحكومة والمواطنين في أصعب الظروف التي مرّت علينا وعلى العالم.
هذا المشهد افتقدناه مع أواخر أيام الحكومة السابقة حين بدأت الامور تخرج عن سياقاتها الاولى،ولم يعد هناك تنسيق بين الجهات الحكومية المعنية، وبتنا نشهد شكلا من أشكال التناقض أو التعارض أحيانا في القرارات وتسرعا في بعضها.
مناسبة هذه المقدمة ظهور « سلالة جديدة من كوفيد -19 «، والعودة من جديد لبدايات ظهوره من تشكيك في التصريحات والمعلومات، الأمر الذي يتطلب العودة مرّة أخرى لمسك زمام الامور لتدارك أخطاء من المفروض أننا صرنا أكثر دراية وحرفية وقدرة على تجاوزها.
من أكثر ما صار يتسبب بحالة من « التوهان - اذا جاز التعبير « لدى كثير من المواطنين هي كثرة التصريحات حول جائحة كورونا من مصادر متعددة، وعلى الرغم من تعيين مسؤول خاص بهذا الملف هو أمين عام وزارة الصحة، ورغم وجود وزير الصحة الذي كان ناطقا باسم لجنة الاوبئة.. الا أن كثيرين من الخبراء الاختصاصيين ممن نجل ونحترم، يصرحون يوميا حول هذا الوباء وتداعياته عبر مختلف وسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية، وهذا أمر له وجهان «ايجابي وسلبي «.. فاما الايجابي فهو اعتدادنا أولا كأردن بوجود هذا الكم من الخبراء الاختصاصيين ليس على مستوى الوطن فحسب بل وعلى مستوى العالم، وهي آراء تثري المتابعين وتساهم في ازالة الشكوك لدى البعض ممن يشككون في الخبر « الحكومي « مهما كان صحيحا..، اما « الوجه السلبي « : فهو ما قد يسببه ذلك من تشتت المواطنين وظهور حالة من « التخبط « في حال كانت التصريحات متناقضة او متعارضة، مما يزيد من « ضبابية المشهد «، ونحن نعي وندرك ان جميع التصريحات المحلية والعالمية قد تقع في هذا «المطب « بسبب حالة عدم اليقين التي أحدثها ولا يزال هذا الوباء الذي ما كدنا نستبشر خيرا في قرب تراجعه والدخول لمرحلة التعافي الصحي والاقتصادي بظهور لقاحات متعددة، حتى فاجأنا بسلالة جديدة أعادت دولا الى المربع الاول من حيث التشدد في اجراءات الحظر والاغلاقات.. (ولا بد هنا من التذكير بالتصريحات المتناقضة في بداية الجائحة حتى لمنظمة الصحة العالمية !).
الخطاب « الاعلامي الصحي « في مواجهة جائحة كورونا متناغم ومتفق حول خطورة الوباء وسبل وقايته، لكنه قد يختلف في التشخيص والتنبؤ بما هو قادم.. يقابل هذا الخطاب على الناحية المقابلة «الخطاب الاعلامي الاقتصادي» فخبراء الاقتصاد متفقون أيضا على خطورة تأثير الجائحة على اقتصادات الدول والافراد والشركات، لكننا نشهد اختلافا في وصفات التعافي ونسمع العجب أحيانا محليا واقليميا وعالميا لتوقعات ما هو قادم.
خلاصة الامر وباختصار.. أنه من المفترض أن يكون خطابنا الاعلامي « الصحي والاقتصادي « بعد مرور أكثر من ( 9) أشهر على جائحة كورونا أكثر احترافية وقدرة على التعامل مع الجائحة، وأن يكون أكثر اقناعا للمواطنين، وهذا لا ولن يكون الا بمزيد من : الشفافية والمصداقية والموضوعية والتنسيق المشترك بين جميع الاطراف المعنية..لان المواطن في المقابل تعلم الكثير الكثير من هذه الجائحة ولم يعد يقبل بأي «تصريح» !
الدستور