«عشرين عشرين» بخلاف التوقعات
نحتفل برأس السنة الجديدة محظورين في البيوت وقد ودعنا عاما لا يشبه اي عام آخر. ثم قد يعقب ذلك اعلان انهاء الحظر الإسبوعي يوم الجمعة وهو قرار يعطي شحنة تفاؤل بعام جديد يشهد انحسار الوباء وعودة الحياة الطبيعية.
كان رقم العام عشرين عشرين ( 2020) يزخر بايحاءات مستقبلية باهرة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين. وقد ظهرت استراتيجيات ورؤى - على غرار الاردن « توينتي توينتي» تضع تصورات طموحة للمستقبل. لكن وصلنا العام الحلم ولم يحدث شيء على طول المسافة غير محطات داهمتنا لم نخطط لها وأثّرت سلبا وضاعفت الصعوبات والتحديات، ابتداء من احتلال العراق الى الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 والتي انعكست علينا بانكشاف الازدهار الكاذب للسوق المالي وإفلاس الشركات القابضة التي كانت تجمع أموال صغار المساهمين وتسطو عليها ثم تسونامي الربيع العربي وانهيار الدول والحروب الأهلية وافلات الارهاب حيث بات الحفاظ على الأمن الداخلي هو غاية المنى وسط معاناة اقتصادية وتفاقم للعجز والمديونية التي كانت تزيد بمعدل مليارين سنويا.
بالاجمال دخلنا العام 2020 دون أن نرى فيه أي ملامح للمستقبل الحالم لا بل أن شيئا جديدا غريبا داهمنا هو الوباء الفيروسي الذي أصبح التعامل معه هو برنامجنا ومحور عملنا وهو بات الشغل الشاغل للعالم يحكم الموقف ويعطل كل نشاط آخر. وها نحن نودع العام مع السلالة الجديدة للفيروس وهي تحمل خبرين متناقضين الخبر السيئ أنها اسرع وأوسع انتشارا والخبر الجيد انها ليست أشدّ أذى وأكثر إمراضا بل ربما العكس وحسب خبراء فإن الطفرات على الفيروسات غالبا ما تجعلها اقل فعالية لدرجة ان تصبح غير ممرضة.
سنسهر غدا مع تنبؤات المنجمين للعام 2021 وانا طبعا لا أؤمن بها ولا اصدق حرفا وهي كالعادة توارب وتتلاعب بالالفاظ لتجنب تنبؤات محددة ودقيقة وقد يحصل الوباء على حصة من التنبؤات تتوقع غالب انحسار الوباء خصوصا مع ظهور اللقاحات. لكن بعيدا عن الشعوذة والتسلية فقلما تمكنت توقعات المحللين السياسيين والاقتصاديين من التنبؤ باتجاه سير الاحداث، حتى اكثر التنبؤات جرأة والتي قدمها طلال ابو غزالة عن حرب صينية امريكية لم تتحقق طبعا والرئيس المؤهل لاشعال اي حرب – ترامب - بسبب جنونه وغرابة اطواره خسر الانتخابات وسيرحل وستكون هناك سياسة امريكية اكثر عقلانية واعتدالا تأخذ بالحسبان آراء الاصدقاء والحلفاء. ومن جانبهم لم يتنبأ علماء الاقتصاد ولا مرّة بأي من الأزمات التي وقعت ومنها ازمة العام 2008. وقد يخبىء لنا المستقبل في اي من السنوات القادمة مفاجآت من حيث لا ندري.
الشيء الوحيد المؤكد الذي ظلّ يتقدم خلال عقدين هو العلم والتكنولوجيا وليس دائما ضمن خط التوقعات. فالعلم غالبا ما يأتي بجديد الصناعات والابتكارات على غير ما ترسمه التوقعات أو الأفلام والكتب. ويمكن ان نلاحظ مثلا أن شيئا ضئيلا جدا قد تغير في مجال النقل البري والبحري والجوي فلم نر سيارات المستقبل وطائراته المفترضة بينما قطاع الاتصالات والبرمجة والتحول الرقمي قطع اشواطا اعظم وظهرت الهواتف الذكية لتكتسح سوق الاستهلاك وبدل ان تصبح كل عام اصغر حجما كما كان الاتجاه السائد والتوقعات فقد اختفت الاجهزة الصغيرة لصالح اجهزة كبيرة يتطلبها استخدام شاشات اللمس واستخدامات اخرى حلت محل الكومبيوترات وآلات التصوير واجهزة اخرى.
الدستور