أين الأردن من «بريكست» ؟ !
مع بداية العام الجديد انفصلت بريطانيا رسميا عن الاتحاد الاوروبي بعد مفاوضات شاقة امتدت على مدى نحو أربعة أعوام ( منذ حزيران 2016 ) ونتيجة لاستفتاء اقر فيه نحو ( 51.9 %) من الشعب البريطاني « الانفصال «،مقابل ( 48.1 %) مع الاتحاد.
اتفاق الـ» بريكست «، وهو بالمناسبة اختصار لكلمة «British exit» أو خروج بريطانيا وتعني مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة تسمح بحرية الحركة والحياة والعمل لمواطنيها داخل الاتحاد فضلا عن تجارة هذه الدول مع بعضها البعض.. هو اتفاق أطاح بحكومة كاميرون، ثم تيريز ماي، وجاء بحكومة جونسون، الذي أنجزه بعد ستة أشهر من توليه المنصب، وكانت الساعات الاخيرة من العام المنصرم ساعات مكوكية استطاع فيها الطرفان البريطاني والاوروبي التوصل الى اتفاق ضم « 2000 صفحة «.
خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي حدث اقتصادي عالمي كبير لا يؤثر على بريطانيا وحدها فقط، فالاقتصاد البريطاني يعد سادس أكبر اقتصاد في العالم، واذا كان الاتحاد الاوروبي قد خاض مفاوضات تفصيلية عديدة انتهت بعد اربع سنوات ونصف السنة باتفاق، فان بريطانيا معنية الان باتفاقيات ثنائية مع كافة دول العالم الاخرى، بقوانينها وانظمتها الجديدة بعيدا عن الاتفاقيات السابقة تحت مظلة الاتحاد الاوروبي.
لذلك فان العام 2021 يبدأ بحدث اقتصادي عالمي كبير هو « بريكست «، والارقام تتوقع تراجعا في الاقتصاد البريطاني متأثرا من هذا الخروج في السنوات الاولى بنسبة قد تصل ( 4.9 % )، خاصة وأنها تعاني من ركود في 2020 بسبب جائحة كورونا يصل نحو ( 11.3 % ) وها هي « كورونا « تتجدد بسلالة جديدة من بريطانيا مما يجعلها تواجه جائحتين « صحية - بسبب كورونا، و اقتصادية بسبب كورونا وبريكست « !! وستكون هناك تبعات وخسائر لشركات بريطانية تعمل في اوروبا وشركات اوروبية تعمل في بريطانيا، عدا العمالة البريطانية والاوربية في كلا الطرفين وتأثير تغير القوانين عليهم وعلى حركة التنقل والسفر.
وسط هذه المتغيرات كان العالم يرصد نتائج المفاوضات بين الطرفين (بريطانيا والاتحاد الاوروبي)، ونفترض أن كل دولة كانت تعد سيناريوهات تأثرها سلبا أو ايجابا من هذا « الانفكاك « والانعكاس الاقتصادي تحديدا، فماذا عن الاردن؟ وهل سيكون هناك تأثير، وما هو حجم ذلك التأثير؟
التبادل التجاري بين الاردن والمملكة المتحدة دون المستوى المطلوب قياسا للعلاقات التاريخية المتجذرة بين الطرفين، وهي علاقات تفوق مستوى التعاون المعتاد الى درجة العلاقات الخصوصية، وليس أدل على ذلك من الجهد الذي بذلته بريطانيا في التحضير والحث من أجل انجاح « مؤتمر لندن» من أجل دعم الاقتصاد الاردني والذي أسفر عن مخرجات، دعمها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وأكثر من دولة وجهة مانحة عالمية وشركات كبرى، مؤكدة ومجددة ثقتها بالاقتصاد الاردني، وهذه المخرجات كان للدعم البريطاني دور كبير في التوصل اليها.. وكان من الممكن المضي قدما بقطف ثمار مخرجات مؤتمر لندن لولا « جائحة كورونا «.
باختصار، لا خوف من تأثير مباشر على الاقتصاد الاردني نتيجة « بريكست «، الا ما يتعلق بمفاوضات لاحقة حول تبسيط شروط وقواعد المنشأ للتبادل التجاري بين البلدين، وهذا ما نراهن عليه في العلاقة الخاصة بين الأردن وبريطانيا لتحسينها أكثر مما هي عليه قبل « بريكست «.
الدستور