القاهرة ما بعد "قمة العلا" الخليجية: إلى أين؟
أنهت قمة العلا الخليجية الخلاف الخليجي الأخطر في أعقاب فرض دول الرباعية العربية (مصر والامارات والبحرين والسعودية) حصارًا على دولة قطر. النهاية السعيدة لأزمة الحصار لم تكن نتاج التزام بشروط الرباعية بل نتيجة جهود امريكية وكويتية لإنهاء الأزمة الى جانب تحولات إقليمية ودولية كان ابرزها خسارة ترمب الانتخابات الرئاسية.
تحولات من الممكن ان تقود الى المزيد من المصالحات وعمليات الانفتاح، خصوصا السعودي على عدد من القوى الإقليمية وعلى رأسها تركيا في المرحلة المقبلة، فهل تسير القاهرة على خط الرياض أم إنها ستحافظ على مسافة كبيرة بينها وبين السياسية الخارجية السعودية ترسم فيه مسارا جديدا يتجاوز التحالف التقليدي الذي نشأ في احضان الربيع العربي وثورته المضادة.
في الظاهر تبدو القاهرة أقل حماسًا للانفتاح على الدوحة، خصوصًا أن اتفاق المصالحة لم يكن نتاجًا لاستجابة الدوحة لشروط الرباعية، ولعله الموقف ذاته غير المعلن لأبو ظبي، غير أن القاهرة وخلال الأشهر القليلة الماضية خطت مسارًا أكثر استقلالية بدورها عن دول الرباعية، وعلى رأسها ابو ظبي والرياض؛ بتبني سياسة أكثر انفتاحًا للتعامل مع الازمة الليبية، قادتها الى تخفيف التوتر مع أنقرة خلال الاسابيع القليلة الماضية.
القاهرة تضاربت مصالحها في العديد من الملفات خلال العامين الفائتين مع شركائها في الخليج العربي؛ اذ لم تكن متحمسة للحملة العسكرية التي قادها حفتر على طرابلس الغرب بدعم فرنسي اماراتي بشكل أساس.
كما تعارضت مصالحها مع الدول الداعمة إسقاط البشير في الخرطوم قبل عام، وبرز قدر من الجفوة ومساحة أوسع من الفجوة بين موقف القاهرة المتعاطف مع تمرد التيغري في إثيوبيا، وموقف أبوظبي الداعم حكومة أديس أبابا. بل إن القاهرة دخلت في سباق على النفوذ في الخرطوم مع عدد من الدول الخليجية الطامحة إلى تكرار تجربتها في اليمن والصومال، والأهم أن مصالحها الحيوية في فلسطين المحتلة تعرضت لتهديد مباشر من خلال موجة التطبيع التي قادتها ابو ظبي في المنطقة العربية مع الكيان الاسرائيلي، فاتحة ثغرة خطيرة لنشاطاته المشبوهة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا.
القاهرة ورغم مشاركتها في قمة العلا، وتوقيع وزير خارجيتها سامح شكري على البيان الختامي للقمة، وسرعة مغادرته بعد ذلك، باتت على الارجح مقتنعة بضرورة رسم معالم سياسة أكثر استقلالًا عن حلفائها في الخليج العربي، تراعي مصالحها الحيوية في فلسطين وسوريا والعراق ووادي النيل وشرق إفريقيا وليبيا والساحل والصحراء والبحرين المتوسط والاحمر. سياسة تقودها الى مصالحات وانفتاح لا على أنقرة فقط بل على طهران أيضًا؛ فالقاهرة بعد قمة العلا باتت أكثر تحررا وانفتاحا على الارجح مما هي عليه قبل قمة العلا الخليجية.
السبيل