بيلوسي وتصفية الحساب مع ترمب " الجريح "
شروع الكونجرس بمحاكمة ترامب كمقدمة لعزله اعتبارا من الاثنين ، لا يبدو عملا موزونا من الناحية القانونية ، إذا اخذنا في الاعتبار أن تسلم بايدن للسلطة لم يتبق لموعده سوى ايام معدودات ، والأهم اعلان زعيم الاغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ أنه لن تعقد أي جلسة للشيوخ قبل التاسع عشر من الشهر الجاري .
بيلوسي ، التي اقتحم احد المحتجين مكتبها وجلس على أريكتها بطريقة مستفزة تاركا لها قبل مغادرته رسالة لاذعة ، لا زالت فاقدة لصوابها سواء مما جرى في الكونجرس او في مكتبها أو مما تسبب به ترمب لها من صدمات وكوابيس لأربع سنوات خلت ، ويبدو ـ وفق بعض القراءات ، أن الحقد الشخصي تجاه ترمب هو الذي يحرك رغبتها في أن لا يغادر بطريقة سلسة ، ولقد اتهمته مع النواب الديمقراطيين بتعريض امريكا للخطر وبأنه يهدد النظام الديمقراطي ويعيق انتقال السلطة بشكل سلمي والهدف هو الوصول - على الأقل - لادانة تمنعه من تسلم اي منصب حكومي مستقبلا مع أن الوصول لهذه الغاية " حرمانه من تسلم اي منصب حكومي " بحاجة الى محاكمة ناجحة يؤيدها الجمهوريون ، بالاضافة الى أن بايدن لا يريد ان تبدأ حقبته بمحاكمة تسلط عليها الاضواء أكثر من أولوياته المتمثلة في حزمة مساعدات جديدة وتفعيل خطة توزيع اللقاحات وقضايا مثل الاقتصاد ووعوده في ما يتعلق بالوحدة الوطنية وغيرها ، ناهيك عن تحذيرات بأن المضي قدما بالمحاكمة لن يصل لشيء وقد يؤدي الى انقسام اكبر في المجتمع الأمريكي.
هي محاولات تجري الآن على قدم وساق ، وتكريسا لضرب ترمب في قواه العقلية اتصلت بيلوسي برئيس هيئة الأركان طالبة عدم اطاعة أي اوامر عسكرية لخشيتها من ان يقوم بحرب نووية وفق توهمها .
أنصار ترامب يقولون : إن بيلوسي تعلم قبل غيرها ، بأن ما تقوم به من خطوات وتصريحات ليس له اي سند دستوري حتى في التعديل الـ 25 الذي يتحدث عن عزل الرئيس ، إذ إن القانون يشترط هنا بأن يطلب نائب الرئيس من الكونجرس رسميا عبر كتاب يوقع عليه اغلبية أعضاء الحكومة عزل الرئيس لعدم قدرته على القيام بأداء مهامه ، أما إذا لم يفعل بنس ذلك ، ولم يوقع نصف اعضاء الحكومة على طلبه فلن يحدث شيء ، كما أن شروع بيلوسي بمحاكمة برلمانية بعيدا عن نائب الرئيس والحكومة لن تسعفه الايام القليلة المتبقية من ولاية ترمب ، ولذلك ، فإن دعوات بيلوسي وغيرها ستظل بمثابة استثمار لحالة الثأر التي تمارسها هذا الأوان ضد ترامب الذي منح بغبائه وجهله رقبته لخصومه في الدقائق الاخيرة من حكمه ليصبح بما هو عليه الآن من ذل وهوان وضعف تسبب به هو لنفسه في خاتمة لم تكن تخطر له على بال ، عقب فداحة تحريضه أنصاره باقتحام مبنى الكابيتول خلال جلسة التصويت على قرارات المجمع الانتخابي .
وكما قلنا ، ليس الأمر متعلقا فقط باقتحام الكونجرس ، بل بخصوم تقودهم امرأة سبق وأعلنت بأنها تخطط وتعد الساعات لسحبه من شعره ويديه الصغيرتين ورجليه خارج البيت الأبيض كما سبق وقالت في حديث صحفي ".
وقع ترامب وكثر ذابحوه وتنصل منه اقرب حلفائه في الكونجرس وفي مجلس الأمن القومي وفي عموم إدارته ، وها هو الآن يأكل اصابعه ندما على غبائه وغروره ، ومن يدري ، فلعل الربع ساعة الأخير " 10 أيام " تكون محملة بمفاجآت ، ولكن المعتقد ايضا هو أنه لم يخسر بعد قواعده وهم 75 مليون أمريكي منحوه اصواتهم وأطلقوا ليلة السبت هاشتاقات تقول : " كلنا ترمب " و" باي باي تويتر " .
جى بي سي نيوز