كورونا.. حتمية اللقاح وحب الحياة !
كورونا لا غيرها هي الخبر والتقرير والصورة، واخبارها كاحبال الدردشة على الشريط الاخباري لشاشات التلفزيون والصحف والمواقع الالكترونية. الناس يتابعون بقلق وحذر اخبار كورونا، ما بين انخفاض اعداد الاصابات اليومية في الاردن، وبشكل مواز ايضا انخفاض اعداد الموتى بسبب الفايروس. وما يطارد اذهان الناس من قرارات حكومية ترفع الحظر الشامل وتحد من اغلاق القطاعات الاقتصادية، وتعيد الحياة والاقتصاد الى حيوته ودورانه.
وباء اجتاح الكون. ومن اخبار كورونا، فهذا الفايروس اودى بمصير الرئيس الامريكي المجنون والثرثار ترامب الذي لم يتحمل خسارة تجديد الرئاسة الثانية، وبقى للحظة الاخيرة ينطاح غريمه بايدن ويهدد ويتوعد، وحتى غدا في نظر العالم والامريكان بانه نذير شؤم، وكم له من هذا الوصف من نصيب في نظر شعبه وشعوب العالم !
دورة الفايروس بعد اكتشاف سلسلة اللقاحات : الروسية والصينية والامريكية والالمانية والبريطانية، وامس اعلنت الهند عن اكتشاف لقاح واعتماد تصديره الى المغرب والبرازيل، فان العالم دخل في مربع التشافي. الفايروس ضرب وفتك في حياة وعيش الناس، ولربما ان ضرره الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي اشد رعبا وخطرا من الوبائي والصحي.
وما يوجب استدراكه اردنيا، فلا بد من التفكير فيما بعد كورونا.رحلة وحياة ما بعد الشفاء والتشافي. وان ثمة ملاحظة بان الحكومة اخفقت
في الترويج للقاح، واعداد المتقدمين لاخذ اللقاحات متدنية لحد كبير، واذا ما قارنا حركة اللقاح في الاردن « 30 الف متقدم على المنصة « بدول
كتركيا فوصلت اعداد متعاطي اللقاح حوالي مليون مواطن خلال اسبوع،وكذلك السعودية والامارات العربية وقطر ومصر، واسرائيل الرقم قارب 70 % من السكان، فثمة فوارق مرعبة بالارقام توجب حتما طرح سؤال عن استراتجية وسياسة تطعيم كورونا الوطنية، وماذا يقف وراء هذه الارقام المحلية المتدنية ؟
انخفاض اعداد الاصابات يوميا، والتوسع في عملية التطعيم لتشمل اعداد واسعة من المواطنين، ولتتحول لحركة وقائية صحية مجتمعية، يعني وبائيا محاصرة ومقاومة كورونا ودحرها. وبارادتان : المناعة الذاتية المجتمعية المكتسبة بتفشي الفايروس والتطعيم الجماعي، والاخرى بالوقاية والتزام بالتعليمات والارشادات الصحية وارتداء الكمامة، والتباعد الاجتماعي،و التعقيم، وغيرها من قيم واخلاق كورونا الصحية.
وثمة لحظة راهنة اردنية عسيرة صحيا واقتصاديا وسياسيا توجب بان تتحول عملية التطعيم الى مسؤولية وطنية. الفايروس ليس عنصريا ولا يميز بين فقير وغني ومؤمن وملحد وابيض واسود، كل وجوه التمييز والاختلاف بين الناس. ولكن المصاب بامراض التمييز هو الانسان وفكره وتخطيطه وسياسته واحلامه وخيالاته واوهامه الفوقية والسادية والطبقية.
فمن بابي العدالة والشجاعة ان يتساوى جميع المواطنين في مواجهة ومقاومة الفايروس. مقولة» يا روح ما بعد روح « عرتها كورونا وابطلت مفعولها الذاتي والعام. والمتورطون في اتباع المقولة في سلوكهم الحياتي، فنبشرهم بانها خانتهم في ازمة كورونا، ونهاية صلاحية هذه المقولة الجبانة التي يختبئ خلفها كثير من الواهنين والضعفاء والجبناء وقناصي الفرص، وحتى في زمن الوباء.
وما يروى اليوم عن كورونا من حكايات فاجعة يتعدى سرديتها العامة تهك الفايروس لجسم الانسان وضرب جهاز المناعة وعطب الجهاز التنفسي،و انعدام الشم والتذوق وغيرها من اعراض كورونا المتداولة والمعترف بها. والى ما هو ابعد من مواجع اجتماعية ومعيشية لجوعى وفقراء وعاطلين عن العمل، ومواطنون عاجزون عن توفير قوت يومهم لاسرهم واولادهم، وعاجزين عن شراء دواء، ومن حياتهم تحت السقوف تشبه العراة، ولو ان الفايروس داهمهم فان قوة الفقر والفاقة تطارده باعلان موتهم.
اخطر ما يجلب الحديث عن كورونا الفضائح. واكثر ما يبعث الاطمئنان تلك اللحظة التي اعلن بها اكتشاف لقاح لكورونا، وبدات شعوب العالم باخذه، ووباشرت المختبرات بتطوير اللقاحات والتوصل لنتائج مطمئنة وموضوعية وواثقة من ناجعة وسلامة وجدوى اللقاح. وبعيدا عن حمى التنافس بين الشركات المصنعة للقاح وازمة عدالة توزيع اللقاح بين شعوب العالم المتقدم والفقير، وازمة عدالة توزيعه على نطاق اضيق بين الشعب الواحد.
الدستور