وحدة الارادة والهدف !
لست متحمسا للذهاب مباشرة لبحث «التشريعات الناظمة للحياة السياسية» قبل ان نوضح لأنفسنا ونتفق بصدق وصراحة على ما نريد. وقد سمعت من وزير الشؤون السياسية على قناة رؤيا كلاما مطابقا لهذا المعنى أي ضرورة ان يكون واضحا ومتفقا عليه أولا الهدف الذي نريده من تعديل القوانين. وتحدث رئيس الوزراء عن خارطة طريق للهدف في اللقاء الاستثنائي الذي جمعه مع رئيسي الأعيان والنواب.
دعونا لا نخذل الملك مرّة اخرى فهو يضع التوجيهات التي يقول لها الجميع نعم بينما يضمر كل طرف فهمه الخاص والمختلف وعند التنفيذ ندخل في متاهة ونغطس في مناورات تنتهي الى صرف الوقت والجهد بلا طائل وهذا سيء للدولة الاردنية ولتطور المؤسسات والتنمية ناهيك عن تعميق فجوة الثقة ورصيد المصداقية الذي استنزفناه من جولات سابقة وتعديلات على القوانين لم تفض لأي نتيجة. هناك طيف واسع من الألوان والمصالح والمخاوف والمطامح في المجتمع و اذا لم يكن واضحا سلفا ما هو محتوى الاصلاح وكيف نرى الاردن في المستقبل فسنغرق في مناورات وحوار طرشان وسينتج عن تناقض الارادات قوانين فاشلة مليئة بالتشويهات . .
تعديل القوانين اليوم ليست اولوية ضاغطة على الحكومة بقدر الظروف الاقتصادية والواقع الاداري والخدماتي والصحي وثمة مسؤوليات لانعاش الاقتصاد في ظروف الجائحة واتخاذ القرارات الجريئة في مجال المشاريع والتشغيل ما يتقدم على كل شأن آخر وعموما فلدى الحكومة ولدى كل وزير جبلا من التحديات العملية والميدانية يجب التركيز عليها.
اذا كانت الاولوية بشأن الاصلاح السياسي هي الاتفاق على الهدف فليس ضروريا أن تقوم الحكومة بتشكيل لجنة حوار وطني كما فعلنا عام 2011 لبحث وإقتراح قانوني الانتخاب والاحزاب، وأعتقد ان مكتبا مكلفا بإدارة الحوار مع كل الفعاليات والأوساط السياسية والاجتماعية لبلورة الأفكار والمقترحات سيكون كافيا. مكتبا ثلاثيا مثلا برئاسة رئيس مجلس الأعيان دولة السيد فيصل الفايز وأذكره بالإسم ليس فقط لموقعه كرئيس مجلس الأمة بل لموقعه الاجتماعي – السياسي كأبرز شخصية محافظة الى جانب مزايا الانفتاح والتواصل ويمكن ان يكون الى جانبه وزيرا ممثلا للحكومة وشخصية وطنية من خارج المواقع الرسمية مثل دولة الاستاذ طاهر المصري الذي ادار في حينه وبكفاءة لجنة الحوار الوطني.
لا يمكن انجاز تغيير ملموس بدون توافق الأطراف على قاسم مشترك. يجب ان لا نخدع انفسنا وأنا اتحدث من موقع الخبرة والانغماس الكامل في جميع التجارب السابقة من لجان الاردن أولا الى الهيئة الملكية «كلنا الاردن» الى لجنة الحوار الوطني. لن يستطيع طرف فرض اجندته ورؤيته. ويجب ان يكون الهدف واضحا ومقبولا ومقنعا للاطراف الأساسية لكي نضع له خارطة طريق ناجحة.
صدف قبل حديث جلالة الملك مباشرة لوكالة بترا ان كتبت مقالا عنوانه « لننسى الاصلاح السياسي .. ولنبحث في الحكم الرشيد» لأقول أن الاصلاح السياسي خلافي وفشلنا بإنجازه لكن يمكن ان نتفاهم على متطلبات الحكم الرشيد. ولعل البعض يرى ان الديمقراطية البرلمانية الحكومية متعددة الأحزاب والحكم الرشيد شيء واحد لكن هذا ليس دقيقا ونستطيع ان نساجل به. فالفساد والخراب يمكن ان يغمر اي نظام سياسي بما في ذلك النظام الديمقراطي الحزبي وخصوصا في العالم الثالث. ولتقريب المعنى المقصود لننظر كيف قلبت الصين كل المفاهيم حول تلازم الديمقراطية مع الازدهار الاقتصادي والتكنولوجي ...؟! وللحديث صلة ..
الدستور