ماذا يجري في السودان ؟
ما يجري في السودان يذكر بما جرى في اكثر من بلد من بلدان الربيع العربي وإن بصور متباينة :
أن يقوم متظاهرون بالاعتداء على البنوك والمؤسسات الحكومية والاذاعات والمرافق الاقتصادية وتنفيذ أعمال نهب وحرق ، قضايا لا يمكن لاي بلد أن يتسامح معها ، لأن التخريب لم يكن يوما وسيلة صائبة للتعبير ، ولكن ادعاء الحكومة السودانية بأن من يقف وراء هذه المظاهرات هم فلول النظام السابق ، فإن هذا أمر يعيد الذاكرة الى ما قبل الثورة السودانية التي اطاحت بحكم البشير المتخلف ، والذي دمر السودان على مدار 30 سنة خلت ، إذ كان النظام المحلول يصم كل مظاهرة ضده بأنها مؤامرة من الخارج وممولة من اعداء السودان .
نفس لعبة النظام السابق الذي تخلى عن نصف السودان تمارسه الحكومة السودانية الجديدة التي تم تشكيلها مؤخرا من سياسيين بعد فشل حكومة التكنوقراط الأولى ، فالاتهامات نفس الاتهامات ، ولكن هذه المرة عززت الحكومة اتهاماتها بما قالت إنها " تسجيلات " لـ " اجتماعات " تم رصدها لأنصار النظام السابق هي التي خططت لكل هذا الذي يجري ، ولكن هذا الأمر يلزم الحكومة بإجابة عن سؤال يطرح عن سبب عدم تحركها لوأد هذه الاحتجاجات قبل انطلاقها طالما أن لديها تسجيلات وفيديوهات تآمرية كما تقول .
لقد انحصرت الاتهامات الحكومية بالنظام السابق ، ولم تقل مثلا بأن الفشل الاقتصادي وغلاء المعيشة وار تفاع التضخم لعشرة اضعاف وسوء الاحوال عموما هي التي دفعت الناس للخروج الى الشوارع ، في وقت تعد الحكومة نفسها لتنفيذ هيكلة اقتصادية استجابة للمطالب الدولية ، وما يعنيه ذلك من شروع في تنفيذ شروط الجهات الدولية والمانحين وبالتالي زيادة الضغط على المواطن السوداني المسكين الذي خدعه النظام السابق ودمره ثلاثة عقود ، بدل أن تحل الحكومة الجديدة مشاكل السودان الاقتصادية والمتفاقمة بلا نهاية .
المواطن السوداني يريد أن تترجم ثورته لتحسن اقتصادي ملموس في المعيشة والصحة والتعليم والتشغيل وغيرها ، وليس فقط اعلان الطوارئ في سبع ولايات واعتقال كل من خرج الى الشارع بتهمة أنه من أزلام النظام السابق .
جى بي سي نيوز