فواتير «كورونا» في عام
نقترب من مرور سنة على اقتحام وباء « كورونا :» لبلدنا ونفيرنا آنذاك الى اعلان الحظر الشامل والاغلاقات ( 17 - 3 )، تستحق المناسبة - بالطبع - أن نفتح ذاكرتنا لاستعاده ما فعلناه لمواجهة هذه الكارثة، ابتداءً من صور الوزراء الذين كانوا يقفون على من منصات الإعلام لتقديم جردة اعداد المصابين يوميا والتذكير بقرارات الدفاع، ومخاطبة المواطنين للالتزام بها، وصولا ألى حالة الفزع التي تشكلت حين وصل عدد المصابين في احدى المرات ألى 30 مصابا (!)، وانتهاء بقصص المخالطين والأعراس و سائقي الشاحنات التي تحولت ألى مجال واسع للنقاش العام الممزوج بالسخرية والشماتة والتنديد أيضا .
اذا تجاوزنا الصور ، بما اشتملت عليه وعكسته من ارتباك وفزع وتخبط في اتخاذ القرارات وفي التزام الناس بإجراءات السلامة العامة، يمكن أن نشير ألى ما حملت هذه السنة الصعبة من ارتدادات على صعيد حالة المجتمع اولا ، وعلى صعيد التعامل مع الوباء على جبهتي الصحة والاقتصاد، وربما السياسة أيضا .
لمجرد لتذكير هنا ، فقد استدعى الوباء التوجه ألى استخدام قانون الدفاع وذلك للمرة الأولى منذ عامي 1992 وقد صدر حتى الأن بموجبه 25 أمرا أخرها في نهاية الشهر الماضي، كما استدعى أيضا تعطيل حركة الاقتصاد كليا أوجزئيا مما أسفر عن أغلاق المئات من الشركات والمرافق الاقتصادية، وعن تسريح الألاف من العمال، وعن وقف العملية التعليمية الوجاهية، وعن أصابة نحو 350,000 شخص بالوباء، توفي منهم نحو 4500 شخص .
لا يوجد لدينا - حتى الأن - أية أحصائيات رسمية عن حجم الخسائر الاقتصادية (وصل للأردن دعم خارجي نحو 4 مليارات دولار على شكل منح ومساعدات وقروض ) ولا عن اعداد الذين فقدوا أعمالهم ووظائفهم، ولا عن اعداد اللذين تأثروا نفسيا من الأزمة( نحو 25 ٪ من الأردنيين مصابون بالاضطرابات النفسية )، كما لا يوجد لدينا معلومات دقيقة حول مسألة مهمة تتعلق بمواجهة الوباء وهي مسألة» المطاعيم «، لا على صعيد عقود الشراء، ولا العدد الذي يمكن ان نحصل عليه، ولا اعداد الذين سيشملهم « التطعيم « هذا العام .
مقابل ذلك، لدينا حتى الأن سلسلة من المؤشرات على ما حدث من تراجع في أدائنا العام، سواء على صعيد الديموقراطية، أو الحريات الصحفية، او مؤشرات رأس المال البشري، أو الابتكار ، او تطور الحكومة الألكترونية، أو الشفافية .. الخ، وهذه كلها تحتاج ألى وقفة مراجعة، والأهم من ذلك أن لا نقع في « خانة « التصنيف التي وضعت بعض الدول على قائمة « استخدام الوباء « لفرض مناخات تقيد حركة المجتمع في فضاء الحقوق والحريات العامة .
بعد عامين من تغلغل كورونا في مجتمعنا، وبانتظار استقبال عام آخر ربما، لابد أن نعيد جردة حساباتنا سواء على صعيد السلامة الصحية من جهة المقررات و الأجراءات، أو الوعي العام في المجتمع، أو على صعيد الاقتصاد وحياة الناس ومصالحهم وامورهم المعيشية، أو على صعيد حركة السياسة في بلادنا، فهذه الجردة اصبحت ضرورية أذا ما أردنا أن نتجاوز دفع المزيد من «فواتير» الانسدادات والاختناقات التي خلقها هذا الوباء،و لا يزال.
الدستور