مصير الملف النووي و العقوبات على ايران
لا ينتظر العارفون بكواليس ما يجري من تفاوض غير مرئي وبالانابة بين واشنطن وطهران إلا أن تفضي المفاوضات بين الطرفين إلى رفع العقوبات ، ولا ينتظر أن يتم ذلك دفعة واحدة لاستحالة الأمر وتعقيدات الملف وموقف اسرائيل ، ولكن ربما يتوصل الطرفان لرفع جزئي خلال الاسابيع القليلة المقبلة وبوساطة الاوروبيين .
بايدن الذي قال أمام مؤتمر ميونخ للأمن الخميس إنه يتابع انشطة ايران المخلة بالاستقرار ، حدد مسارا للمفاوضات بأن تعود ايران لالتزاماتها النووية أولا ، وربما كان من ثمرة جهود الوساطة زيارة رئيس هيئة الطاقة الذرية لطهران التي اعلنت بأنها ستفاوض الهيئة بالتزاماتها حول مسألة حظر الانتشار النووي وليس حول ملفها النووي ذاته ، ولكن بايدن يدرك بأن تنازلا متزامنا ستقابله طهران بتنازل متناسب معه في الحجم ومتوافق معه في الأهمية ، أي أن الشروط الامريكية التي كانت إدارة الرئيس الجديد تضعها لم تعد موجودة في الأساس عقب طلب بايدن من مجلس الأمن في الرسالة الاخيرة سحب الطلب الذي قدمه ترمب لفرض عقوبات أممية على ايران ، وهو ما قابلته الأخيرة بقولها إنه غير كاف مستندة إلى وقائع جديدة تقوم باستغلالها لإعادة هيمنتها على الملف دون اي تنازل حقيقي سواء في ما يتعلق بالصواريخ البالستية، أو تدخلاتها الاقليمية التي اعلن المرشد بأنه لا يمكن التنازل عنها .
لقد بدأ الانفتاح الأمريكي ، والتنازل الأمريكي ، وليس من زمن سوى اسابيع معدودة ، إلا ونرى أمريكا وطهران جالستين إلى نفس الطاولة بوسطاء او بدون ، ليس لإعادة التفاوض على اتفاق نووي جديد ، كما يتوهم المتوهمون ، بل لتطبيق الاتفاق السابق الذي هو في حقيقته التسليم بقدرات ايران وحقها في الهيمنة ، ولتذهب علاقات واشنطن بأصدقائها إلى الجحيم .
المنهمكون بالملف الايراني في عهد بايدن هم أنفسهم في عهد أوباما ،ذات الاسماء وذات الوجوه ، والمفارقة أن العودة للاتفاق ستكون أيضا في عهد روحاني ووزير خارجيته ظريف ، أي أن كل تلك السنوات التي اهدرها ترامب كأنها لم تكن ، وليس مستبعدا أن تتلقى ايران تعويضات عن سنوات الحظر الاقتصادي ، طالما أنها تلقت مئات المليارات " كاش " في عهد بايدن ، نائب الرئيس سابقا ، والرئيس الآن.
لن يصدق المكابرون بأن هناك إعجابا ما يربط ادارة بايدن بالملالي ، ومن شواهده اعلان واشنطن بأن أهم ملف لديها في سياستها الخارجية هو الملف اليمني ، مع يقينها بأن الحوثيين ليسوا سوى ذراع ايراني خالص ، ما يعتبر فرصة للايرانيين لتكريس احتلالهم لليمن وفرض شروطهم في وقت يمنع فيه السلاح عن السعودية .
ستعود تلك المرارات التي شهدتها اسابيع اوباما الأخيرة ، وسيظل العرب هم الخاسرين في غياب معادلة القوة ، وما أدراك ما القوة في العلاقات الدولية .
جى بي سي نيوز