الملك يعيد التموضع
رسالة الملك الموجهة للمخابرات عميقة الدلالة والاهمية، فقد خاطب رأس الدولة الجهاز الاهم تأثيرا بمسيرة الاصلاح اردنيا.
الخطاب اصلاحي اجرائي بامتياز، يتحدث عن انتهاء خروج المخابرات عن دورها المرسوم دستوريا؛ فقد كان الخروج – حسب رسالة الملك – اضطراريا، وبسبب ظروف انتهى استحقاقها.
الملك وجه دائرة المخابرات للتخصص اكثر في دورها وتركيز طاقاتها لخدمة اختصاصاتها الحيوية، وهنا يأتي الطلاق التوجيهي بين الامني والسياسي حسب رسالة الملك.
الملك بعد لقائه مع وكالة الانباء الاردنية "بترا" أظهر رغبة واضحة في إعادة التموضع، فقد اطلق اشارات واضحة تتحدث عن بداية جديدة عنوانها الاصلاح.
رسالة الملك للمخابرات انسجمت مع تلك الاشارات؛ فهناك اتهامات مستمرة من القوى السياسية بتدخل المخابرات في أوجه النشاط المختلفة. هنا، يأتي الملك ليضبط المشهد، ويتحدث بشجاعة عن مرحلة سابقة.
المشكلة ليست مخابرات، بل بالقرار السياسي، فالاصلاح يحتاج الى ارادة سياسية، وعندها أجزم ان المخابرات ستحمي ذلك، وتضعه بعين الاعتبار.
الملك يعيد التموضع، تلك ملاحظة واضحة، لكن كيفية وكمية التموضع ما زالت غير معروفة لنا؛ فالرسالة تحدثت عن المؤسسات وعودتها من خلال تخصص كل سلطة بعملها.
هذه اللغة الملكية جديدة مباشرة، اتمنى على القوى السياسية والرأي العام عدم تجاهلها او التهوين من قيمتها؛ فردود فعل الناس "كما في تجربة الربيع العربي" تجعل الملك اكثر حماسة او العكس صحيح.
المخابرات لعبت أدوارًا وطنية في محطات هامة، نختلف معها سياسيا، لكن في مفاعيل الهوية، والامن الحقيقي، اخشى ان يتم محاصرة تلك الادوار، وعندها سنقع في لَبْس المشاريع الخطيرة.
قاطرة الاصلاح هي الحل، لكنه اصلاح بمعاييرنا وضمن خصوصيتنا، واتمنى ان يكون إصلاحًا عن قناعةِ أن الحل يكمن بالتشاركية، وان لا يكون في الخفاء ضغوط لتصفية دور المخابرات في التداخل مع الهوية الوطنية.
السبيل