من لم يمت بكورونا مات جوعًا!
القضايا المالية العالقة بين المالكين والمستاجرين تجاوزت نصف مليار دينار اردني. وان استمرت ادارة ازمة كورونا باتباع ذات السياسات بالحظر الشامل والاغلاق فان الرقم بلا شك سيصل لمليار دينار واكثر.
وما هو محتمل بعد ذلك، فان التقديرات العامة تقول : ان القطاعات شبه المتعافية من ازمة كورونا عادت بعد الحديث الاخير عن فرض حظرشامل وجزئي وعودة الاغلاق الى مربع صفر.
لربما ما يتجاوز حد التقدير ان قطاعات خدماتية مشلولة وقرار عودة تشغيلها معلق، وعداد حساب فاتورة الكلفة اليومية لا يتوقف بين مالك المنشاة والعامل وصاحب العقار وامانة عمان « مسقفات ورسوم ورخص مهن، والضمان الاجتماعي وضريبة الدخل والمبيعات.
يشكو اصحاب منشآت مغلقة مطاعم ومقاه وكافي شوبات ومحال تجارية ومعارض الالبسة وغير ذلك من فواتير الكهرباء والمياه والانترنت. المنشات مغلقة والعداد شغال يحسب كل يوم كلف تشغيل اضافية جديدة.
واخطر ما في الامر ان هؤلاء لم يبدؤاء نشاطهم التجاري دون قروض بنكية وتسهيلات مالية. ويقعون اليوم في تبعاتها، واشكالاتهم المالية مع البنوك وشركات التسهيلات تكبر وتتعقد يوميا.
اصحاب مقاه وكافي شوبات يواجهون تحديا كبيرا في ازمة كورونا ما بين عودة الارجيلة والعكس. لا يعرفون ماذا يفعلون انفقوا مئات الاف من الدنانير على تاسيس مشروعه، فهل يتركه في لحظة ويرميه وراء ظهره ويوقف الهدر المالي والديون الاضافية المرتبة عليه؟ وبعضهم يقول : لو ان الحكومة تحسم مسالة الارجيلة بقرار واضح و مسؤول، وتؤكد بانها لا ترغب بعودة الارجيلة بتاتا. وذلك ليتسنى لهم تصفية اعمالهم التجارية بهذا القطاع ويخرجوا بالخسائر الواقعة والمتراكمة عليهم.
نحتاج الى مسؤول خبير وواقعي وعاقل، الخبرة في ادارة الازمات من العلوم والمعارف والتجارب المعقدة. ومن الممكن ان نسمع لمسؤول يتحدث بالضبط عن الواقع والمصير لمستقبل اقتصاديات اردنية انهكتها كورونا وتبعاتها، والضرر والانهيار المالي يصيبها يوميا، ولا يعرف ما هي المعادلة التي تفكر بها الحكومة في قرارات الحظر والاغلاق.
واخطر ما في الامر، وينسى مروجو فتاوى الحظر الشامل والاغلاق لقمة العيش ورغيف الخبز والفقراء الجدد، وما هو حال ملايين الاردنيين من الخاسرين في معركة كورونا ومن فقدوا اجورهم ووظائهم وتجمدت حياتهم، ومن جماعة» قوت يومي».
هؤلاء كل قرار حظر شامل واغلاق يزدادون فقرا وعوزا وفاقة. افراد ومجتمع واقتصاد بلا مستقبل. عدمية وعبثية وضبابية سائدة وطاغية، ولا يعرف ما هو القادم والتالي في معركة كورونا.
ازمة كورونا داهمت عيش الاردنيين. وقرارات الحظر الشامل والاغلاق والترويج لها وتهئية الراي العام لمفعولها تداهم الاردنيين يوميا بمزيد من الفقراء، ومزيد من الكوابيس وتفشي الامراض النفسية،وتطفو على السطح جرائم من انواع واصناف جديدة، وولادة فقراء الحاويات ومشردي الشوارع والحارات.
الاقتصاد يتدمر والمواطن يجوع. وصحيا هل تملك الحكومة وخبراء كورونا ان يبلغونا عن سقف زمني لرحيل الفايروس؟ وهل يملكون راي وخبرة تقريبية تحدد الجدوى والنجاعة من قرار الحظر الشامل والتصدي للفايروس؟ ولا تنسوا تجربة الحظر الشامل الاول، وماذا حصدت البلاد من تبعات وخيمة اقتصاديا واجتماعيا، ولم تحد كل سبل التشدد الصحي في صد الفايروس ومنع تفشيه.
القول الفصل في ازمة كورونا في جلب اللقاح، ولا غير ذلك. اين اللقاح؟ ولماذا لم يصل الاردن؟ وما هي خطة « الحكومة الصحية « السياسية والدبلوماسية لفتح قنوات للتفاوض مع الدول والشركات الام المصنعة للقاح؟ وكما بدا في تجارب دول كثيرة في ادارة كورونا. فمن يملك اللقاح، فانه يملك سبيلا للنجاة والخروج من المازق، ومن لا يملك اللقاح فانه سيبقى يترنح في تبعات مستنقع الفايروس اللعين.
وعلى هذا فان مخططي كورونا والمتسارعين في اتخذ قرارات الحظر الشامل والاغلاق يقفزون من فوق السؤال عن اللقاحات. واذا استمروا في ذات السياسة فانهم سيزيدون من استمرار زيادة نتائج كورونا الوخيمة ومضاعفاتها على الاقتصاد وحياة الاردنيين، وتدمير قطاعات اقتصادية كثيرة، وناهيكم عن قتل المستقبل والانتحار الجماعي الذي لا تحمد عقباه على بلادنا.
بالمناسبة، كورونا دخلت عامها الثاني، واعرف نصف مليون اردني عاجزين عن شراء ربطة خبز.
وبالمناسبة، صار المواطن لا يموت من كورونا بل من تداعيها المعيشي والنفسي، ولو يشرحوا انفس المتوفين لامسكوا بالمجهر المعاناة الحقيقة لموتى الاردن الجدد.
بالمناسبة، لو فرضوا حظر شامل جديد لا يفوت الحكومة التفكير ان نصف الاردنيين واكثر لا يملكون قوت يومهم. ولو يبحثوا عن تسويات وعروض اخرى في ادارة ملف الوباء.
ودمتم بود وسلام.
الدستور