المبادرة السعودية في اليمن والتصعيد الايراني
لم يتوقع أحد إلا القلة ، أن يوافق الحوثي على العرض السعودي بوقف اطلاق النار وفك الحصار في اليمن لأسباب باتت معروفة للجميع ، فحواها أن هذه الشرذمة العميلة لطهران ليس بيدها مفاتيح الحل والعقد في اليمن الذي دمرته ونهبته واتخذت اكثر من 70% من شعبه رهائن في المناطق التي تسيطر عليها ومنها العاصمة صنعاء .
العرض السعودي كان متقدما ومنفتحا وباحثا عن حل يجنب الشعب اليمني غائلة الحرب والفقر والمرض ، ولكن بعيدا عن ابتلاع اليمن واحتلاله ، غير ان هؤلاء ، وكما هو معروف ، لا يملكون قرارهم ، وتجلى ذلك بكلمة عبد الملك الحوثي التي القاها كالعادة على طريقة حسن نصر الله ، لدرجة أن غباء هذا الشخص ومن خلفه من قادة الحرس الثوري فضحوا أنفسهم أمام الملأ فظهر رئيس عصابة الحوثي وكأنه بوق يبث مباشرة من طهران وليس من صعدة ، هذا إن كان هو في صعدة فعلا .
فقد خرج الحوثي في تصريحاته حتى عن شروط ايران السابقة المتمثلة في رفع الحصار وما تسميه وقف العدوان ، قبل أن تأمره بإضافة شرط آخر ، ولما جاءت المبادرة السعودية تلبي احتياجات الشعب اليمني من الغذاء والدواء والمحروقات " التحالف سمح بدخول 5 سفن وقود ومساعدات فورا " .. نقول : لما كان الشرط الحوثي ينحصر بوقف " العدوان " وفك الحصار وجاءته الاستجابة ، اضاف عبد الملك الشرط الايراني الأخير ، وهو " انسحاب القوات الاجنبية من الأراضي المحتلة " - كما يطلق عليها - وهي الاراضي التي تقع تحت سلطة الشرعية .
أي أن الشرط بات الآن : وقف الحرب ، وفك الحصار ، وانسحاب الشرعية من المحافظات التي تسيطر عليها ، بمعنى : تسليم كل اليمن للحوثي وايران ، هكذا بكل سهولة .
ولمن لا يعلم حقيقة النفوذ الايراني على الحوثي فإن كل المعطيات المسلم بها ،أنه لو قامت السعودية والتحالف باعلان وقف فوري لاطلاق النار في عموم اليمن وفك الحصار عن مطار صنعاء بما في ذلك الطائرات القادمة من طهران وبيروت ، فإن الحوثي لن يقبل بذلك لأن المشروع في الاصل ، هو مشروع ايراني للسيطرة على جزيرة العرب وفق الحلم الفارسي الاثني عشري القديم الذي يتبناه خامنئي والحوثي ونصر الله وكل ميليشياتهم الدموية الاجرامية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان .
ولأن الضغوط الأمريكية على التحالف تصب في مصلحة الحوثي والايرانيين الذين " يتدللون " على بايدن وجماعته في واشنطن ، لدرجة وصلت بوزارة الخارجية الامريكية أن تتوسل لقاء مع الايرانيين في المكان والزمان الذي تحدده ايران " كما قالت الوزارة " ولدرجة أن تعلن إدارة بايدن أنها "ستخفف العقوبات حتى قبل موافقة ايران على الجلوس والتفاوض " نقول : لأن ذلك كذلك ، فإن أي وقف لاطلاق النار في اليمن لن ينجح إلا وفق المنبه الايراني ، لأن من مصلحة طهران بقاء الحرب واستمرار أخذ الشعب اليمني رهينة للموت والجوع والمرض ، بل إنه لو تم وقف اطلاق النار فعلا بموجب تفاهم امريكي ايراني ، فإن صواريخ الحوثي ومسيراته الايرانية لن تكف عن الاعتداء على بلاد الحرمين للسبب الذي قلناه ، وهو سبب سياسي ، عقدي بامتياز .
قلنا أكثر من مرة ، بأن الحل في اليمن هو حشد طاقات الأمة بأسرها وترتيب الصف اليمني لدحر المشروع الايراني من خلال " الدعس " على هؤلاء المجرمين في الميدان كما بتنا نشاهد في الآونة الاخيرة بمأرب وتعز وعدد من المناطق اليمنية .
جى بي سي نيوز