الدستور: نصف قرن ونيف مع الوطن
تطفئ الدّستور اليوم شمعة جديدة في عمرها المديد مع تاريخ وطن لخمسة وخمسين عامًا مضت اليوم، وظلّت دومًا تُشعّ حضورًا، وتنبت خيرًا كلّما استطاع الأردنيّون وقيادتهم إلى ذلك سبيلا.
الدّستور، جريدة الكل، جريدة الخبر المحلي، جريدة الكُتّاب الذين تتعدّد مشاربهم اليوم، وأفكارهم، ورؤاهم، وهذه أعلى القيم، وأعلى الرُّتب وأثمن المقدرات في الصُّحف، حيث ستكون لديك أصوات ورؤى عدّة فأنت للكل.
الدّستور خبرات آباء وأجيال، محمود ونبيل وسيف الشريف، وحسن ومحمد التل، وغيرهم من العائلات رفيعة التفكير في السّياسة والوطن، واليوم هي بعهدة قيادة شابّة وإدارة واعية، ومجلس إدارة متعدّد الأفكار أيضاً.
الدُّستور، كلٌّ وطني، جامع للهوية الوطنية، إرث صحفي من فلسطين العربية، ووعي من شرقي الأردن، وإرادة كبيرة، عبرت صعاب كبيرة، ومحاولات إلغاء.
مرّت الدّستور بأزمات كبيرة، وعاشت أزمات الوطن، بقيت صامدة بدعم كل المخلصين لفكرتها الوطنية، حين توحّدت صحيفة فلسطين وصحيفة المنار، ذات صباح من الثامن والعشرين من آذار 1967.
الدّستور بنت زمن النكسة، نعم، وبنت الأحداث الجسام، وجاءت التسمية آنذاك واعية للحدث، حدث توحيد صحيفة فلسطين التاريخية مع المنار، على الأرض الأردنية بإسم ورؤية جديدة هي «الدّستور». وجاءت افتتاحية العدد الأول لتؤكد على تلك الفكرة الكبيرة بالقول عن الدستور:»هي رمز لكل ما يمثله وجودنا وبلدنا من مبادئ وقيم وآمال وتطّلعات، وهي الرّمز لوحدة شعبنا في وطنه والتّعبير عن انتماء هذا الشعب لأمة واحدة تكافح من أجل وحدتها الشّاملة ورسالتها الإنسانية العظيمة..»
الدّستور، ظلّت وفيّة لقيم الوطن، وقيم الحريّة، ولم تخسر صورتها التي أسَّست عليها، وبقيت تسمو فوق الأزمنة المغبرة، لتخرج كل صباح بخبر أو قصّة أو مقال يعالج قضيّة وطنيّة.
الدّستور بنت آذار شهر الكرامة، وآذار المؤتمر الوطني، وأوله تعريب قيادة الجيش، هي بنت المدرسة الوطنية الأردنية، بفكر عروبي، ووحدة وهاجس النضال لأجل الحرية والتحرير.
الدّستور القدس، في الشّعار، والبتراء في الواجهة، وهي للجميع لا تنكفئ على رأي، ولا تنكبّ عن خوض معارك الوطن والدّفاع عنه، هي جريدة الحكم والدّولة. وهي كلّما لزم الوطن منها موقفها المهني ما أظهرت لا تملّقاً ولا رياءً لأحد.
تغيرت إدارات، ومجالس ورؤساء تحرير، وبقيت كما أُسّست، ثمرة خير ووطنية، لم يعترّ فكرتها الأولى، المؤسسة لها، أي تغيير يذكر، بل ظلّت وفيّة للوطن والمواطن وأخبار الناس، فنالت ثقتهم دوماً برغم الزمن المفتوح على إعلام جديد.