حملةٌ مُمنهجةٌ لإثارةِ البَلبلةِ والفَزعِ ومُحاولةِ نَزعِ الثّقةِ بالدَّولةِ
مقطع الفيديو المُضللِ الذي تَداولتهُ حِساباتُ «الواتساب» المَحليةُ خلالَ الساعاتِ المَاضيةِ مُتعلقٌ بتصريحاتٍ سابقةٍ لوزيرِ الصّحةِ الدّكتور فراس الهواري والذي يَنصحُ فيها بعدمِ ارتداءِ الكَمامةِ.. لم يكنِ الفيديو الوحيدَ هذا الشّهر الذي يَقتحمُ هَواتفنَا الخلويةَ وحِساباتِنا على «الواتساب».
قبلَ هذا الفيديو، تمَّ تداولُ ادعاءاتٍ مُضللةٍ على لسانِ وَزيرِ الدّاخليةِ مازن الفراية، تتعلّقُ بتداعياتِ فاجعةِ مُستشفى السّلط، وأنَّ دولاً شقيقةً هي المسؤولةُ عن قَطعِ الأكسجينِ عن مُستشفى السّلط بحجةِ أنَّ هذه الدّولَ أوقفتْ تصديرَ الأكسجينِ، وهو ادّعاءٌ مضللٌ وكاذبٌ، فلمْ يَرِدْ على لسانِ الوزيرِ مثلُ هذا الحديثِ ولمْ يُحمِّلِ المسؤوليةَ إلى أيِّ طرفٍ مُعينٍ أو دولةٍ مُعينةٍ.
فيديوهاتٌ مُضللةٌ.. وأُخرى مُفبركةٌ وملصقاتٌ وصورٌ.. وأخبارٌ وادعاءاتٌ مُضللةٌ وتسجيلاتٌ صوتيةٌ أيضًا.. جميعُها فُرضتْ عَلينا كرسائلَ وصلتْ إلى جروباتِ «الواتساب» التي نتشاركُها، وتمَّ تداولُها كالنارِ في الهَشيمِ دونَ أنْ نُدقّقَ فيما احتوتهُ من تفاصيلَ تكشفُ زيفَهَا وتَضليلهَا الذي يستهدفُنَا جميعًا دونَ استثناءٍ، لأغراضٍ أقلَّ ما تُوصفُ بأنَّها مشبوهةٌ وتستهدفُ التشكيكَ وتنفيذَ أجنداتٍ ليستْ وطنيةً بالقَطع.
ثمّةَ إشاعاتٌ تمَّ تداولُها أيضًا، والواضحُ تَصدُّرُ تطبيقِ «الواتساب»، كوسيلةٍ من وسائلِ التّواصلِ الاجتماعيّ، قائمةَ مصادرِ الإشاعاتِ والفَبركاتِ التي تمَّ تداولُها محليًا.
خلالَ الأيامِ المَاضيةِ من الشّهرِ الحَالي، تَردَّدتْ شائعاتٌ مختلفةٌ من حساباتٍ خارجيّةٍ، كما جَرى ترويجُ فيديوهاتٍ وتَسجيلاتٍ صوتيةٍ مُفبركةٍ مثل فيديو أسعارِ الزّيتِ وتسجيلاتٍ صوتيةٍ تتعلّقُ بمُستشفى البَشيرِ، إضافةً إلى فيديو يتعلّقُ بفبركةِ حادثةِ جَرسِ الإنذارِ في مُستشفى البَشير.
وتَداولتْ حساباتُ «الواتساب» كمًّا كبيرًا من الادّعاءاتِ والفيديوهاتِ الصّورِ المُضللةِ حولَ لقاحاتِ كورونا، آخرُهَا كانَ تداولَ مقطعٍ مُضللٍ لفيديو يظهرُ فيه المديرُ التنفيذيُّ لشركةِ «فايزر»، ألبرت بورلا، مُترجمٌ إلى العربيّةِ، وهو يقولُ إنَّه لنْ يتلقَّى لقاحًا ضدَّ فايروسِ كورونا المُستجدّ، في الفترةِ الحاليةِ ولا يُنصح لمَن هم في ظروفهِ أنْ يتلقُّوا اللقاحَ.. وتبيَّنَ لاحقًا وبعدَ التَّحققِ من الفيديو أنَّ المقطعَ مُجتزَأ من مقابلةٍ للرئيسِ التنفيذيِّ لشركةِ «فايزر» مع قناة «CNBC» الأميركيّةِ، نُشرتْ في 14 كانون الأول عامَ 2020، وبمُتابعةِ سياقِ الحَديثِ في المُقابلةِ، تَبيَّنَ أنَّ ترجمةَ المقطعِ المُتداولِ إلى اللغةِ العربيّةِ غيرُ دقيقةٍ وتَحتوي على أخطاء، وأنَّ ما قالهُ لم يَعنِ أنَّه لا يستطيعُ أنْ يأخذَ اللقاحَ أو أنَّه لا يَنوي أَخذَهُ.
هناكَ الكثيرُ من هذهِ الشّائعاتِ التي تمَّ رَصدُها من قِبلِ مَرصدِ «الدستور» لمُكافحةِ الشّائعاتِ التي يُصدرُهَا شهريًا مطلعَ كلّ شهرٍ.. ونحتاجُ في واقعِ الحالِ إلى التّوقفِ قليلاً عندَ هذهِ الادّعاءاتِ التي تأخذُ أشكالاً مُتعددةً قبلَ أنْ نَعملَ لها مُشاركةً أو قبلَ تَوزيعِهَا، فالقصّةُ ليستْ مُجرّدَ رسالةٍ بلْ تتعدَّاها لتكونَ أقربَ للفيروسِ الذي يَستهدفُ إثارةَ البَلبلةِ والفَزعِ وعَدمِ الثّقةِ بالمؤسساتِ و- إنْ شِئتَ - بالدَّولةِ.
الدستور - رَئيسُ التَّحريرِ المَسؤُول