بانتظار إعلان واضح
سألني أحدهم عن الحوار حول قانون الانتخاب أجبت أنني لست مهتما ولا ارى معنى لمناقشة القانون وتقديم أفكار ومقترحات في هذه المرحلة وقبل ان تخرج علينا السلطة التنفيذية رسميا بإعلان واضح حول الاصلاح سياسي يقول ما هي الأهداف وما هي الخطّة!
ما حصل بعد اشارة جلالة الملك في مقابلته مع وكالة الأنباء الأردنية قبل شهرين الى وجوب النظر في قانوني الانتخاب والأحزاب أن الجدل بدأ في اوساط المعلقين ووسائل الاعلام حول الموضوع دون ان يخرج شيء عن الحكومة! لا شيء سوى اشارات عابرة أنها ملتزمة بإجراء حوار حول قانوني الانتخاب والاحزاب. ثم بادر وزير الشؤون السياسية الى دعوة الأحزاب الى لقاءات على شكل مجموعات من الأمناء العامين في مركز الوزارة وأرجح أنه قد فرغ من هذ اللقاءات التي كان يعلن فيها انها لقاءات استطلاعية أولية ليس ضروريا ان تبحث مقترحات تفصيلية محددة لتغيير قانون الانتخاب. واعتقد ان الوزارة لم تكن مكلفة ابتداء باستقبال مقترحات ناهيك ان صيغة الحوار وكيف سيتم تنظيمه وتحت رعاية من؟ لم تعلن حتى الآن. بل ان الوزير كان قد كرر في غير مقابلة انه وقبل بحث المقترحات لقانون جديد يجب ان يعلن ما هو الهدف من التغيير في القانون لأن وضوح الهدف هو الذي يقود اتجاه الحوار والمقترحات.
رئيس الوزراء نفسه لم يقل شيئا حتى الآن. لم نعرف اذا كان الأمر قد خضع للحوار في دوائر القرار واذا كان قد تبلور تصور ما لأي شيء. ونريد التذكير ان الرئيس في ردّه على خطابات الثقة قال للنواب ان الحكومة جاهزة لاستقبال اي آراء أو مقترحات بشأن الاصلاح السياسي! وكان يردّ على ملاحظات بعض النواب ان الحكومة لم تطرح في برنامجها اي شيء يخص الاصلاح السياسي. فماذا عدا مما بدا؟ هل حدث حراك نيابي وتقدمت الكتل بأفكار ومقترحات ومطالب للاصلاح السياسي؟ أم هل حدثت في دوائر القرار عملية عصف ذهني حللت الانتخابات ونتائجها وحال البلد السياسي والاقتصادي وتحديات المستقبل القريب والبعيد وتطورات الوضع الإقليمي والدولي مثلا وتوصلت الى استنتاج بوجوب استئناف مشروع الاصلاح السياسي!
هناك اشارات سريعة لهدف ما هو تحسين فرص الأحزاب في الوصول الى البرلمان؟ لكن بصراحة هذا ليس هدفا ولا قيمة له بذاته. أقصد ان يصل بضعة نواب حزبيين، فهذا يحصل في كل دورة لكن هؤلاء النواب لا يلزمهم شيء بأحزابهم وهم يشكلون كتلا هلامية مع اغلبية من المستقلين الذين تأتي بهم الانتخابات؟ ليس المطلوب استرضاء الأحزاب القائمة ببضعة نواب بل تحويل الانتخابات كلها الى منافسة بين كتل وطنية تكون الأحزاب الموجودة جزءا منها الى جانب الأغلبية الواسعة من المستقلين وعندما تتشكل هذه الكتل الوطنية لخوض الانتخابات نكون قد قمنا بإرساء الأساس لأحزاب المستقبل البرلمانية. أي ان الهدف المطلوب هو اعادة هيكلة شاملة للساحة السياسية يساهم قانون الانتخاب في تحقيقها.
الحكومة ورئيسها مشغولون جدا ومعهم كل البلد بالمواجهة الحالية مع كورونا لإنقاذ حياة الناس وانقاذ الاقتصاد فلا نلومهم اذا كان الاصلاح السياسي آخر ما يشغلهم. لكن يحق لنا ان نطلب منهم أيضا ان لا يشاغلوا احدا بموضوع قانون الانتخاب خلال ذلك وقبل ان يتحدد الهدف أو مشروع الاصلاح السياسي بإعلان واضح.
الدستور