مواجهة بوسيدون الروسي وايرون سبير الأمريكي
بعيدا في الشمال وبالقرب من الدائرة القطبية الشمالية تتجمع القوات الامريكية في لاتفيا بالقرب من عاصمتها ريغا لإجراء مناورات الرمح الحديدي (Iron Spear2021)، وليس بعيدا عن لاتفيا وبالقرب من الممرات البحرية التي كشف عنها ذوبان الثلوج تجري روسيا تجربتها لطوربيد بوسيدون (Poseidon 2M39- إله البحر).
طوربيد نووي قادر على إطلاق عاصفة اشعاعية تدمر الحياة في مدن الساحل الشرقية لأمريكا لسنوات عدة؛ تجربة جاءت بعد قيام ثلاث غواصات روسية باقتحام جليد القارة الشمالية في محاولة لتأمين ساحلها الشمالي وفتح طريق شحن رئيسي من آسيا إلى أوروبا.
روسيا تراقب التحركات الامريكية في لاتفيا وامريكا تراقب التحركات الروسية في الدائرة القطبية الشمالية؛ وتتهمها بعسكرة القطب الشمالي؛ ليرتفع منسوب التوتر فاتحاً الباب لجولة من المفاوضات التي لم تحدد بعد عناوينها وغايتها الجيوسياسية.
فالتوتر لا يقصر على الدائرة القطبية الشمالية وبحر البلطيق، بل وعلى البحر الاسود وشبه جزيرة القرم، فروسيا تحمل اميركا مسؤولية تصاعد التوتر في منطقة دونباس التابعة لجمهورية دونيتسك المعترف بها من قبل روسيا، وتحذر من تدخل الناتو في الصراع ودعم جهود اوكرانيا في الصراع الدائر في المنطقة، لتتبع ذلك بإرسال حشود كبيرة من الجيش الروسي نحو الاقليم ومنطقة القرم بعد اندلاع اشتباكات في اقليم دونباس.
الساحات كلها باتت ساخنة، تعكس درجة الاحتباس الحراري في القطب الشمالي التي كشفت عن ممرات بحرية جديدة؛ مواجهة لم تعد تقتصر على بحر الصين الجنوبي والباسفيك (المحيط الهادي) بل تمتد الى الدائرة القطبية الشمالية والاطلسي بما توفره من امكانات واعدة لكل من روسيا والصين لتطوير ممرات بحرية جديدة لسفن الشحن والتجارة العالمية نحو اوروبا وافريقيا وامريكا الجنوبية.
الجهود الروسية الصينية لتعزيز الممرات البحرية في الدائرة القطبية الشمالية تربك الاستراتيجية الامريكية في القرم وبحر الصين الجنوبي، وهي تدفع أمريكا لمراجعة استراتيجيتها العسكرية والسياسية في التعامل مع روسيا والصين اللتين بدورهما تقاربتا بفعل الضغوط الامريكية دون ان يؤثر ذلك على تحالفاتهما المتعددة، فروسيا عمدت وعلى لسان وزير خارجيتها لافروف الذي يزور الهند إلى طمأنة نيودلهي بالقول ان العلاقة التي تجمع روسيا والصين شراكة استراتيجية متقدمة ولكنها ليست تحالفا؛ شراكة على الارجح تخص ملفات مشتركة لا تستهدف الهند بشكل لن يعيق تطوير العلاقة الهندية الروسية؛ ليسارع بلنكن وزير خارجية امريكا الى الهند لتدارك التحركات الروسية.
الشراكة الروسية الصينية بدت مرنة غير مقيدة بتحالفات ومعاهدات دفاع مشترك، أمر يتيح للبلدين المناورة لتفكيك الكثير من التحالفات والمبادرات الامريكية وعلى راسها مبادرة التحالف الرباعي ( كواد ) الذي تعد الهند عضواً فيه، في حين ان التحالف الامريكي الاوروبي ومعاهدات الناتو تقيد امريكا وتحد من فاعلية تحالفاتها التي تعتبر القارة الاوربية والاطلسي ساحتها الرئيسة، حقيقة تثقل كاهل الاوروبيين والامريكان في ان واحد وترهق دبلوماسيتها التي باتت تسير في خط متواز مع الدبلوماسية الروسية وتحركاتها العسكرية في الشمال والجنوب.
السبيل