الإصلاح الآن.. لا إِبطاء ولا إرجاء!
علينا أن نلتفت الآن الى ما هو جوهري وجدي واساسي، من أجل مواصلة مسيرة مملكتنا التي عمُرها 100 عام من الصمود والاستقرار والصعود والاستمرار.
الوباء الصحي ووباء الفاسدين والترهل الاداري والتضييق والضغط الذي أصاب محركات مملكتنا العظيمة، فاقم مشكلتنا التقليدية المتمثلة في اختلال معادلة الموارد والسكان التي نجم عنها الفقر والبطالة والمديونية.
لقد صاحبت نشوءنا وصعودنا، تحدياتُ وتهديداتُ دول الإقليم «الاشتراكية القومية الثورية» الانقلابية. علاوة على التهديد الصهيوني الوجودي وتهديد الإرهاب القديم الجديد، وما استدعاه ذلك من تخصيص نحو 30% - 40% من موازناتنا للامن وحماية وصيانة استقرارنا.
نعترف بالثغرات والأعطاب التي نجمت عن عشرات العقود والأسباب. ولا نملك الا ان نُقْدِم على مقاربتها مقاربة بعيدة عن النمط التقليدي.
كل مقومات نجاحنا من أجل اعادة بناء حياتنا السياسية والاقتصادية والرقابية والتعليمية متوافرة.
الاستقرار. الإجماع على الملك عبدالله والنظام الهاشمي. الرشد الفائق المتبادل بين العرش والشعب. المعارضة الدستورية الراشدة.
لقد اصدر حزب الشعب الديمقراطي الأردني - حشد، وجماعة الإخوان المسلمين- جام، بيانين عبرا فيهما عن حرصهما على الأمن والاستقرار والمشاركة في الإصلاح.
ليس لنظامنا السياسي معارضة خارجية. فالمعارضة تنظيم وبرنامج ورفعة وبناء. أما الشتم والتحريض والعرط «والمرجلة عن بعد» فذلك (show) يقع في خانة التنفيس والبكش والتدليس.
فقد تكالبت علينا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي دولٌ ذات امكانيات تحريضية وإعلامية هائلة، اقلها تأثير احمد سعيد على اذاعة «صوت العرب». فلم ينطلِ علينا البكشُ ولم يهتز يقيننا ببلادنا ونظامنا السياسي.
واستعدادا للمئوية الجديدة نحتاج إلى اعادة بناء حياتنا وفق بروتوكول موصوف ومعروف لنا. يشمل الدخول في موجة تقشف عميق. ومقاربة مختلفة لمكافحة الفساد. وتسطيح منحنى الترهل الإداري. وحلحلة الجمود وحل مشكلة نقابة المعلمين. وتوفير المزيد من الحريات. وسن قانون انتخاب ديمقراطي عصري. وتوفير المناخ الطبيعي لصعود النخب. وتوفير مناخ بناء تيارات حزبية مؤثرة في الحياة العامة.
ففي مدرسة الأحزاب تعلمنا احترام القانون والدستور والعمل العام والمساواة وحراسة الوحدة الوطنية والانتماء لتراب الوطن والعطاء من أجل تقدمه.
ولأن «المعارضة ضرورة وليست ضررا»، فينبغي اشراك القوى الاجتماعية والسياسية والثقافية الأردنية الجديدة في المسؤولية السياسية، بما فيها أحزاب المعارضة التي لم نسجل عليها أعمالا تخرق القانون والدستور.
اندغم الأردنُ العظيم والعرش الحكيم فأصبحا سبيكة من الفولاذ المسقي لا انفصام بينهما.
صحيح أن نسبة الحصانة السياسية ومنسوب الأجسام المضادة قد انخفضت. لكننا سنستردها بمطعوم سياسي ثقافي. كي نقطع الطرق على المتربصين الذين يحاولون استغلال ظروفنا الاقتصادية والصحية الصعبة جدا والتسلل منها.
وقديما قال نزار قباني:
لم يدخل اليهودُ من حدودنا،
وإنّما، تسربوا كالنمل من عيوبنا.
الدستور