أفق إقليمي مختنق بالنفط والديون
تحدث جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، عن آخر المستجدات في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بإصدار شهر أبريل/نيسان.
ازعور بين أن العام2021 سيشهد تعافياً للاقتصاد العالمي لكن مع تباين بين دول الاقليم؛ فالدول النفطية بحسب ما قال ازعور ستتعافى بسرعة اكبر لتبعية اقتصادها بالاقتصاد العالمي؛ والدول التي ستوفر اللقاح ستنجح في تحقيق التعافي بتسارع كبير أيضاً، وأخيرا قدرة الدول على التحول الاقتصادي لمرحلة ما بعد الازمة.
رغم لغة التفاؤل التي يروج لها ازعور؛ إلا ان التحديات التي ذكرها أكبر بكثير من ان يتم تجاوزها بسهولة، ومنها مخاطر الدين ودخول بعض الدول الازمة في اوضاع اقتصادية صعبة، والأهم من ذلك ان ازعور اعتبر التعاون الاقليمي للخروج من الازمة يمثل التحدي الاهم في المنطقة، فهو المخرج والقاعدة الاساسية للعمل.
ما لم يذكره ازعور ان الاقليم يتجه الى مزيد من التصارع والتشرذم بين دوله، فالمناخ الاقليمي الذي سبق وباء كورونا كان مناخا تصارعيا تفاقم في حقبة الوباء، ورفع الكلف على دوله التي ابدت قدرا متواضعا من التعاون، وعلى رأسها دول الجامعة العربية ودول مجلس التعاون الخليجي، بل ولعبت الصرعات المسلحة دوراً مهماً في تفاقم أزمة أسواق الطاقة بتأثير من الصراع في اليمن الذي امتد على طول شواطئ البحر الاحمر والخليج العربي.
ورغم تقدم الشراكة الاردنية المصرية العراقية؛ إلا أن ظلال كورونا والازمات السياسية الامنية لا زالت تلقي بظلالها على آفاق التعاون الاقليمي فقوى الشد العكسي الاقليمية والمحلية هائلة في ظل ازمات محلية ومشاريع اقليمية متضاربة.
التحديات لا تقتصر على الدول المدينة ومخاطر الدين المرتفع المتراكم بفعل أزمة كورونا، فالدول النفطية تواجه مقاومة كبيرة في اسعار النفط بفعل تداعيات الوباء على الاقتصاد الدولي، فالمقاومة الشديدة التي تبديها الاقتصادات الاوروبية نحو التعافي يقابلها ارتفاع هائل بالإصابات في الهند التي تعاني من 100 ألف إصابة في اليوم والبرازيل التي تعاني من 4000 وفاة في اليوم الواحد.
الأهم ان الدول النفطية على موعد مع تحولات مهمة بفعل تنامي المدخلات المرتبطة بالطاقة النظيفة والمتجددة؛ بازدياد مبيعات المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات والهجينة التي تعمل بالبنزين والكهرباء والمركبات التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين 239 بالمئة في آذار الماضي، علما بان التوقعات تشير لإمكانية ان يبلغ تعداد السيارات الكهربائية في العام 2030 ما يقارب 25 مليون سيارة، فالرئيس الامريكي الجديد بايدن وضع خطة لتركيب 500 ألف محطة لشحن السيارات الكهربائية بحلول العام 2030، أي ما يقرب من خمسة أضعاف البنية التحتية للسيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، استثمار يكلف أكثر من 5 مليارات دولار، في حال قبول الكونغرس بهذا المسار.
التوقعات المتفائلة سرعان ما تتلاشى للدول النفطية أمام المسارات والارقام والخطط التي اطلق عليها ازعور مصطلح السياسات، اذ يعتبر ازعور ان التعافي يعتمد على السياسات المتعبة، سياسات مرتبطة بالصحة والطاقة النظيفة والتمويل الرقمي.
مؤشرات لا تخدم الدول النفطية او الدول العربية المدينة في الآن ذاته؛ إذ لا زلات المنطقة العربية متأخرة في وضع السياسات المناسبة ومنشغلة في صراعات وحروب محلية واقليمية.
ختاماً.. خطط التعافي المستندة إلى تعافي أسواق النفط وتدوير الديون واعتماد الطاقة النظيفة لن تنجح، إذ لم يتحقق الاستقرار في دول المنطقة، فالمفتاح الحقيقي للتقدم للأمام يعتمد على الإصلاح الاداري والسياسي الغائب الفاعل لتقوية المناعة الداخلية والاستعداد لحقبة جديدة لما بعد كورونا واقتصادات ما بعد الأزمة التي تتطلب تحولا كبير في أنماط الانتاج والاستهلاك تحول دون الاختناق بفائض النفط والديون التي ستترجم الى ازمات ومزيد من الصراعات.
السبيل