دكتاتورية التكنولوجيا
كثيرون يربطون ذهنيا بين التكنولوجيا والليبرالية والحرية والديمقراطية. ربما تسللت تلك الفكرة لأن الغرب هو الذي ابتكر تلك التكنولوجيا، وهو الذي يمسك بناصيتها حتى الآن.
لكن من المؤسف القول إن التكنولوجيا تحمل في طياتها دكتاتورية يصعب مواجهتها، لكنها تتلحف بضرورات التكنولوجيا ذاتها لإخفائها.
التكنولوجيا لا تقبل الاختلاف ولا الرأي الآخر، وهي تحذو حذو جورج بوش الابن "من ليس معنا فهو ضدنا".
ترى من يستطيع الوقوف أمام التكنولوجيا.. ستسحقه حتما، وستدوسه وتمضي.
كم مهنة قضت عليها التكنولوجيا وركنتها في المتاحف، كم تركت من الضحايا، والحجة أنه لا بد من مسايرة التقدم التكنولوجي.
الضحايا كثر، والصحافة الورقية إحدى الضحايا. والمفارقة أن الصحافة الورقية التي استفادت من التكنولوجيا لتضمن سعة وسرعة الانتشار، قد دهست في طريقها كثيرا من المهن وتركت آلاف العاملين والموظفين على قارعة الطريق، وها هي اليوم تعيش ذات مصير أولئك العمال.
مهن كثيرة مرشحة للدهس من قبل التكنولوجيا، وربما تكون مهنة التدريس وتوابعها (مدارس وجامعات) على رأس القائمة.
بالمناسبة فقد بدأت شركات زين وأورانج وأمنية بإيقاف خدمات الجيل الثاني للهواتف المتنقلة، ويترتب على ذلك إيقاف دعم الهواتف غير الذكية خلال الفترة المقبلة.
قريبا جدا سيكون مكان أجهزة الهاتف التي رافقتنا طويلا المتاحف. ولا عزاء لأحد عندما تهجم التكنولوجيا وتكشر عن أنيابها.
التكنولوجيا كما الغرب تظهر وكأنها ليبرالية وديمقراطية وتتقبل الآخر، لكنها في الحقيقة لا تحتمل أن يقف أمامها أحد، ومن يقف أمامها فإنها تدهسه بلا رحمة وتسير.
السبيل