تركيا تخسر سمعتها
شرعت السلطات التركية بترحيل عدد من طالبي اللجوء إليها وخاصة من الجنسيات الإيرانية المعارضة، والعربية التي لجأت إليها بعد أحداث ما يسمى الربيع العربي، مما يجعلها تخسر مكانتها السياسية والاقليمية كراعية للديمقراطية والحريات، وفي التفاصيل نجد أن المعادلة السياسية والعلاقات الثنائية والمصالح وراء هكذا قرارات سياسية مغلفة بأوامر قضائية نؤشر على أهمها:-
-(- في تركيا يوجد نحو (67 الف إيراني معارض من بينهم (39)الف لاجىء إيراني، باتوا على يقين بأن بقاءهم في تركيا مهدد، بسبب التقارب مع طهران، فقد اعلمت السلطات القضائية التركية سبعة نشطاء معارضين بضرورة قبول الترحيل دون تحديد المكان وأن موكلي هؤلاء لا يرغبون بتسليمهم إلى إيران كونهم سوف يواجهون الإعدام، وحسب صحيفة الغارديان البريطانية فإن تركيا بدأت تخسر مكانتها الإقليمية كملاذ أمن ولا تتوفر حتى كتابة هذه السطور الجهة التي تنوي تركيا ترحيلهم إليها
تركيا شرعت بتقييد نشاطات المعارضات العربية على أراضيها وخاصة المصريين على خلفية تقاربها مع القاهرة، وفي التسريبات الإعلامية أنه تم إبلاغ جميع العاملين في الصحافة ووسائل الإعلام المعارضين لمصر ضرورة إحترام العلاقات الثنائية وعدم الأضرار بها، وما يعنيه ذلك من تقيد انتقاداتها للنظام المصري وهذا الموقف ينسحب على باقي المعارضات العربية والخليجية على أراضيها.
تركيا اليوم ليست تركيا الأمس، ففي عهد الإدارة الأمريكية الجديدة بدأت تبحث عن مصالحها وعلاقاتها الثنائية بعيدا عن رهانات المعارضات الإيرانية والعربية وأن الاولوية باتت لحصاد تقاربها مع مصر في ملفات اقليمية شائكة أولها ثروات شرق البحر المتوسط وملفات في ليبيا، وتدرك أن واشنطن تكن لها العداء السياسي ولا تراهن على جوارها الاوروبي أو حلف الناتو الذي تنتمي إليه، كما أن مفاوضات فينا بين إيران والقوى الغربية دفعتها للتفكير بمصالحها الاستراتيجية مع إيران، ولهذا استدارت إلى تغليب المصالح على كل شيء.
تركيا تخسر سمعتها كواجهة للحريات والديمقراطية لكنها تكسب علاقات ومصالح اقليمية وتحقق جزءا من أحلامها في الصراع مع الكبار، ولا طريق أمامها سوى التخلي عن سياسات سالفة اوا مواجهات وخلافات مع قوى اقليمية كمصر وإيران ودول خليجية وازنة، وبالمجمل فإن سياساتها الراهنة أقرب ما تكون إلى سياسة المراجعة وانتظار الحصاد وهنا فإن التخلي عن المعارضات بات جزءا من سياساتها الراهنة حتى وأن كان على حساب سمعتها.
تركيا تتعرض لحصار غربي أمريكي غير معلن وترى أن دورها ومكانتها في ظل وجود إدارة ديمقراطية في واشنطن تعاديها وترغب بتحجيم مكانتها أمر يجب التعامل معه بحكمة حتى وأن أدى ذلك لخسارتها رهانات على بعض المعارضات العربية والايرانية، فهي تترصد نهايات اللعبة ما بين موسكو والغرب وترى أن حصارها أدى لاضعاف ليرتها وخنقها اقتصاديا ومنع تمدد نفوذها في جوارها، والمحصلة أنها تخسر سمعتها وبعض مواقع مهمة في جبهات اقليمية لكنها توازن بين الضرورات وبين ما لا يمكنها تحمله سياسيا واقتصاديا وربما أمنيا في علاقاتها مع الإقليم ومع واشنطن وأوروبا.
الدستور