وفاة صاحب كتاب "الإسلام يتحدى"
بالنسب لي كان رحيله خسارة شخصية فقد تفتح ذهني على كتابه الشهير "الإسلام يتحدى" وكان كتابا نفيسا في مكتبتي المتواضعة جدا جدا وقتها.
أحزنني خبر وفاته في العاصمة الهندية نيودلهي، الأربعاء، فقد رحل دون أن يأخذ نصيبه من الشهرة في الوطن العربي رغم صيته وسمعته التي حظيت باحترام حتى خصومه وإنجازاته الزاخرة.
رحل المفكر الإسلامي المعروف وحيد الدين خان عن عمر ناهز 96 عاما، تاركا خلفه مكتبة علمية كبيرة .
جمعت مؤلفات خان بين البساطة والعمق وبالتالي ناسبت مختلف القراء، وتأثر كثيرا بأبي الأعلى المودودي وأبي الحسن الندوي في أول نشأته ثم خالف فكريا المودودي في العديد من كتبه.
كما دأب طيلة حياته على الموائمة بين المنهج الإسلامي والمنهج العلمي والفلسفي، واستفاد من هذا المنهج في محاورة الملحدين في العديد من كتبه.
قامت دعوته على مهاجمة العنف وجماعات العنف المسلح، والدعوة لتبني المنهج العلمي في الدعوة.
أولى مراحل الوعي عندي وعند كثيرين مثلي كانت مع كتابه "الإسلام يتحدى" وهو الكتاب الذي أثر في الملايين الذين اطلعوا عليه، فهو نجح بأسلوب ساحر في أن يثبت وجود الله سبحانه وتعالى عبر قوانين الإحصاء والفلك والرياضيات والفيزياء والكيمياء.
كما عالج موضوع الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، وكذلك إثبات الأدلة على البعث والقيامة، ومناقشة القائلين بصدفة وجود الكون، والقائلين بالتطور بأسلوب فريد يتسم بالدقة والموضوعية والمنهجية العلمية، والكاتب رجع لكثير من الكتب الغربية لمفكرين وأساتذة كبار في المجالات العلمية المختلفة، فجاء الكتاب مخاطبا للعقل والوجدان، كاشفا عن حقائق مهمة وخطيرة.
وأدى تأخر ترجمة مؤلفاته إلى العربية إلى عدم معرفة القارئ العربي بفكره ومنهجه والتعرف عليه عن كثب وبوضوح.
خان كان مفكرا عميقا عالج الكثير من القضايا في الفكر الإسلامي مخاطبا العقول بعد أن استوعب الكتب العلمية والفكرية باللغة الانكليزية، وقد صبغت كتاباته بالأسلوب العلمي والتحليلي، فهو أحد المفكرين المسلمين القلائل الذين تمكنوا من استيعاب ثقافة العصر، وربما وصل اطلاعه على الفكر المعاصر درجة لم يصلها مفكر مسلم من قبله وفي نفس الوقت فهو متمكن من العلوم والدراسات الإسلامية في أدق خفاياها .
أصدر مجلة "الرسالة" ودأبت هذه المجلة الشهرية على الصدور حتى الآن ونالت حظا كبيرا من النجاح والقبول، كما صدرت له عدة مؤلفات هامة منها: "الإسلام يتحدى"، "الدين في مواجهة العلم"، "تجديد الدين"، "الإسلام والعصر الحديث"، "حكمة الدين"، "قضية البعث الإسلامي"، "الإنسان القرآني"، "الإسلام"، وكل هذه المؤلفات ترجمت إلى العربية ومن المؤلفات الهامة التي لم تترجم له: "محمد رسول الثورة"، "ظهور الإسلام"، "الله أكبر"، بالإضافة إلى تفسيره للقرآن "تذكير القرآن" إلى غير ذلك من المؤلفات التي تربو على خمسين كتابا، و آلالف المقالات المنشورة وغير المنشورة.
كما أنه أولى اهتماما خاصا بالقضية الفلسطينية.
وقد وجهت بعض الانتقادات للعلامة وحيد الدين خان، بشأن بعض أفكاره، إلا أن هذا لا يقلل من موسوعية الرجل وعلمه الغزير، وتركه مكتبة زاخرة بكتب قيمة أنارت قلوب الكثيرين نحو الإسلام.
السبيل