لسنا في جيب أحد
الأردن ليس في جيب أحد، وليس لأحد قرار عليه، وكل ما نشرته وسائل الإعلام العبرية مفبرك وهدفه التشويش وإثارة الفتنة والدق على أوتار المحاور الإقليمية وأننا جزء من هذا أو ذاك، والحقيقة أن قرارانا سيادي وطني هاشمي وليس لأحد أي دور فيه لا من قريب ولا من بعيد.
لسنا في جيب أحد..هذا ما خلصت إليه تقيمات استخباراتية عبرية قالها أليكس فيشمان أن محاولات التدخل في الشأن الداخلي الأردني جرى افشالها وأن السلام بيننا وبين الأردن قائم على معاهدة السلام الموقعة في 1994م،وأن اتفاقيات ابراهام مع دول خليجية لا يمكن أن تلغي دوره ا السياسي في قضايا المنطقة وخاصة قضية فلسطين، وهذا رأى قيادات إسرائيلية تناطح بنيامين نتنياهو ألذي يحاول تجاوزه في قضايا جوهرية، وقد أثبتت أحداث الأسبوعين الماضيين وما جرى من محاولات زعزعة استقراره ا واللعب على وحدته الوطنية فشلها، ولهذا جرى مجابهة نتنياهو وممن يشاطرونه الموقف أن تجاوز الأردن سياسيا وامنيا ليس في صالح إسرائيل وأن الأردن ليس في جيب أحد، ولا يمكن تجاوزه لصالح أطراف أخرى
لا إتصالات بين القصر الهاشمي ونتنياهو منذ سنوات (كما يذكر فيشمان)، والعلاقة صعبة ومعقدة، وبين فينة واخرى يوجه جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله إهانات صفعات سياسية واهانات أهمها اصراره على إنهاء العمل باتفاقية الباقورة والغمر واعادتهما للسيادة الأردنية،وهنا حاول نتنياهو اللعب في مسارات لابعادنا عن دورنا في القدس، ويذكر فيشمان أن الأحداث الأخيرة في الأردن شهدت اتصالا بين بني غاتس والقصر الأردني، ويضيف أن عمق الخلافات داخل قيادات إسرائيل كانت واضحة لجهة تغليب المصلحة الاستراتيجية مع الأردن على اتفاقيات ابراهام التطبيعية، فنظرية نتنياهو بالعبث الأمني جرّت على الدولة العبرية ويلات وويلات لن يكون آخرها منعه من تنفيذ مشروع الضم للاغوار والمستوطنات ومناطق ج بالضفة الغربية.
الدستور
إن محاولات لي ذراع المملكة الهاشمية خلال العامين الماضيين وابتزاز الدولة )والضغط على صانع القرار الأول(الملك،وخاصة زمن إدارة ترمب قد ولت وانتهت إلى الفشل وأن ألسلام الدافىء هو خيار مشترك ومصلحة تتوافق عليها القوى الدولية وخاصة واشنطن وعواصم القرار الأوروبي فالملفات جوهرية والحدود مشتركة والتأثير السياسي للاردن على القرار الدولي فيما يخص قضية فلسطين لا يمكن تجاوزه، وأن عواصم عربية وازنة حاولت هي الأخرى اللعب بطريقتها لإخراج الأردن من المعادلة الإقليمية وفشلت، وحاولت الدخول على ملفات سياسية وأمنية لتهميش دورنا السياسي في القدس قد ولت وانتهت وأن تصحيح المسار للوصول إلى تهدئة طويلة الأمد وحلول سياسية مقبولة فلسطينيا وعربيا تمر من البوابة الأردنية وليس من أي بوابة عربية أخرى وأثبت القيادة الأردنية أنها ليست في جيب أحد، لا اسرائيل ولا غيرها.
الأردن بقيادته الحكيمة أحبط ثلاث مؤامرات اقليمية كبرى خلال العقدين الماضيين، أولها كانت التخطيط لالحاقه بما يسمى الربيع العربي، واضعافه سياسيا وامنيا، والثانية كانت بمحاولات إخراجه من مسارات عملية ألسلام وإدخال أطراف أخرى تقبل بصفقة القرن وتصفية قضية فلسطين والثالثة كانت بداية الشهر الحالي ومحاولات زعزعة أمننا واستقرارنا السياسي، وقد افشلتها القيادة الهاشمية بحكمة وصبر عظيمين، وبوعي شعبنا وادراكه لما يحاك ضدنا، وتبين للقاصي والداني أن القرار السياسي والامني والاقتصادي الأردني قرار سيادي ونابع من مصلحتنا القومية وأننا لسنا في جيب أحد يمكنه إملاء شروطه ورؤيته علينا، وقد اسقطنا عشرات المحاولات اليائسة من طرف نتنياهو وممن شجعوه ضدنا واستصغروا مكانتنا ودورنا، وعندما لاحت ساعة التنفيذ وجدوا أن سهامهم ارتدت عليهم فتراجعوا محاولين الكرة من طرف آخر، وظلوا يراهنون مرة تلو أخرى لكنهم تيقنوا بعد عناء طويل أن الأردن ليس في جيب أحد وأن قراره سيادي ونابع من مصالح شعبه وأمته
أخطاء نتنياهو كارثية على إسرائيل والمنطقة وأن ثقته الزائدة في قدرته على فرض رؤاه ومشاريعه على الأردن ثبت بؤسها، وقد افشلها القصر الهاشمي ودفعه إلى المقعد الخلفي سياسيا، وتبين له أن القيادة الهاشمية ليست في جيبه ولا جيب حلفائه القدامى أو الجدد في المنطقة.
الدستور