خطة مقترحة لعودة الطلبة إلى جامعاتهم
تُحزنني الجامعاتُ حين يغيبُ أبناؤها، ويبقون على قارعة البعد البعيد. وتحزنني أكثر الورود في حدائقها؛ لما تذبل دون أن ترتوي من ضحكاتهم المجلجلة، ويهزني أن يتلاشى صخبهم اللذيذ من ممراتها وشوارعها، وتقتلني قاعاتها الفارغة إلا من كراسيها الصّماء، وسبوراتها البيضاء المشرعة كرايات للهزيمة. فتباً للكورونا.
الجامعة ليست محاضرات ودروس واختبارات، بل هي حياة تتكاملُ وتتناغمُ بما يكتسبه الطلبة من خبرات ومعارف ومهارات تواصلية إنسانية. هي صداقات تبقى أبد الدهر وعلاقات تبني الشخصية وتنضجها، وهذا ما لا يستطيعون نيله من خلف الشاشات.
وأكثر ما يحزنني هم طلبة السنة الدراسية الأولى «السنافر غير المُسنفرين» الذين توشك سنتهم على النهاية، ولم يشعروا بعد بمعنى الجامعة وفحواها، سيما حين يبتلى بعضهم بأساتذة ومدرسين لا يؤنسنون التواصل معهم بالشكل المطلوب والحقيقي، ولا يقدّرون معنى الكلمة الطيبة التي تسند هؤلاء الذين ما أن خرجوا من ضيق التوجيهي، حتى واجهتهم مضايق التعليم عن بعد.
أتوق إلى ذلك اليوم القريب الذي تكتحل به عيوننا بعودة طلبتنا إلى جامعاتهم وقاعات درسهم. وأتوق أكثر إلى ذلك المشهد الفريد حين يدخلون صباحا من بواباتها كالنحل التائق إلى مشتهى الزهر.
فمن أجل هذا اللحظات الخالدة أقترح على الحكومة من هذه الزاوية خطة إجرائية عملية بسيطة قابلة للتطبيق ستسفر عن عودة الطلبة إلى جامعاتهم ضمن ترتيبات خاصة واشتراطات صحية، وذلك بعد أن يتلقى اللقاح كل طالب يرغب بالتعليم الوجاهي، بالموازاة مع تلقيح كافة العاملين في الجامعات من هيئة تدريسية وإدارية خلال الشهرين المقبلين؛ لتكون العودة ميمونة طيبة مع بداية العام الدراسي الجديد مطلع تشرين الأول.
الأمر ليس صعباً أبداً إن وجد إرادة حقيقية. نبدأ بحملة إعلامية تحفيزية ذكية شاملة تحث الطلبة على الارتياد السريع لأخذ المطعوم بترتيبات خاصة ما بين وزارتي الصحة والتعليم العالي والبحث العلمي.
دعونا نجعل من هذه العودة إلى الجامعات هدية شهية لكل من يتلقى اللقاح من طلبتنا، مع ضرورة أن يبقى من يرفض التلقيح على قيد التعليم عن بعد. وبهذه الحركة نحن لا نعيد الألق إلى حياة طلبتنا في جامعاتهم فحسب، بل سيكون هذا الإنجاز حافزا كبيرا نحو التسريع من عملية إعطاء اللقاحات في عموم قطاعات المجتمع.
الدستور