الطريق طويل..
الرئيس الامريكي جو بايدن التقى رئيس جهاز الموساد الاسرائيلي يوسي كوهين في البيت الأبيض واعلمه أن الطريق طويل للعودة إلى الإتفاق النووي مع إيران، وبما يؤشر على صعوبة حلحلة القضايا الرئيسية، في مقابل تصريحات متفائلة من جانب الرئيس الإيراني حسن روحاني، وبما يعطي صورة متناقضة عن مفاوضات فيينا..والسؤال..لماذا ؟!.
الجواب..الرئيس روحاني ينظر من زاوية داخلية لانجاح تياره الاصلاحي في الانتخابات المقررة بعد أقل من شهرين، فهو يعطي صورة متفائلة برفع العقوبات عن بلاده لكسب أصوات الناخب الإيراني، وفي الجانب الآخر يوحي لحلفاء واشنطن أن الرهان على المواقف الغربية بات من الماضي،وهو يريد حلحلة ملفات اقليمية متشابكة ومعقدة ويرغب بالاستثمار في مفاوضات فيينا، لجهة حصوله على تنازلات منها،وبذلك يحصد مكاسب أفضل، إضافة إلى ايهام واشنطن وأوروبا بأن بلاده راغبة ومتشجعة للوصول إلى اتفاق، والحقيقة ليست كذلك،كونه يعلم بأن رحلة تخصيب اليورانيوم بلغت 60%وأن ما بعدها هو امتلاك القنبلة النووية ،والطريق طويل أمام المفاوضين في فيينا ليس العودة إلى الاتفاق بل الإتفاق على كيفية صيغة العودة إلى إتفاق 2015م.
الرئيس بايدن قال ما لا يريد قوله لمضيفه كوهين، وهو يعلم أن طهران حتى كتابة هذه السطور رفضت إدراج ملفات جوهرية منها الصواريخ البالستية وتدخلاتها الإقليمية وغير ذلك، واصرت كعادتها على حصر مفاوضات فيينا بالملف النووي وحده،وهنا حاولت واشنطن عبر الاوروبيين إدخال تحسينات عليه كاضافة خبراء من الوكالة الذرية وحرية التفتيش،والدخول إلى آية مواقع أخرى حساسة وغير ذلك،مقابل إزالة أكثر من نصف العقوبات وتجميد الباقي لحين التحقق من استجابة طهران، لكن هذا العرض جرى التفاوض عليه ورفضه،وقد طلبت طهران ضمانات وتعهدات من واشنطن، والمشكلة محصورة بأن شرطها هو العودة إلى إتفاق 2015م،دون إضافات ورفع العقوبات كاملة، والتفاوض على مسائل أخرى تضاف إلى الإتفاق أو يجري الحاقها به ،فالطريق كما قالها بايدن لكوهين طويلا وبما يعني الحاجة ربما إلى سنوات لكي لا يتوصل الجميع إلى إتفاق كون طهران متشددة بمواقفها وواشنطن لا تملك خيارات أخرى غير التفاوض من أجل التفاوض ليس أكثر .
شراسة المفاوض الإيراني فكفكت مواقف الدول الغربية وابعدت روسيا والصين عن واشنطن، وباتت أوروبا منقسمة على نفسها مما شدد المطالب على واشنطن كي تقدم تنازلات،وجولات المفاوضات السابقة واللاحقة تدور حول حلقة شبه مفرغة، فواشنطن تريد أن تحقق اختراقا يحفظ ماء وجهها، وبحد أدنى إدخال بعض التحسينات على إتفاق 2015م،لكن طهران ما زالت تردد نفس النغمة وتتشدد في جوانب تريدها، وتصر على حصرها بالملف النووي (خطة العمل المشتركة) وتطالب بضمانات عدم الإنسحاب والتعويض لها، وإبقاء الشركات الأوروبية بعملها في إيران.
الطريق إلى إتفاق شامل بين إيران والقوى الغربية وواشنطن طويل ومعقد، وما قاله الرئيس بايدن يؤشر على مراوحة مفاوضات فيينا مكانها، وأن المماطلة وشراء الوقت والنفس الطويل من سمات السياسة الإيرانية الراغبة في إعادة دورها الإقليمي واللعب بطريقتها على الجميع، وهي تدرك أن الخيار العسكري ضدها ليس مطروحا على الطاولة ولا أحد يجرؤ على مهاجمتها، وبالتالي لا تتعجل دخولها النادي النووي العسكري خلال شهور ،ودفع خصومها إلى الإعتراف بها كقوة نووية عالمية.
الدستور