«الصفعة «..وما لا نحبه
«الصفعة «..هي إحدى العلامات الفارقة ما بين حضارة الغرب والشرق اليوم، وما لا نحبه هو العنصرية اليمينية، فلو كان الصافع من غير الفرنسيين فإن التهمة التي ستوجه له حتما ستكون مرتبطة بالكراهية (الإرهاب) وما نحبه هو طريقة التعاطي مع الحادثة والتندر على قلة حيلة الرئيس ووقاحة الصافع الذي اشهرته الصفعة ليس في فرنسا وحدها وبل وعلى مستوى العالم.
بداية..الصافع فرنسي ينتمي إلى منظمة الستر الصفراء، والمصفوع هو الرئيس مانويل ماكرون الذي تفاجأ بالصفعة مباشرة على الهواء، والتهمة التي وجهت للصافع هي الاعتداء على موظف عام، وقد جرى التحقيق معه وإطلاق سراحه وهو الآن يتجول بحرية في شوارع باريس دون خوف من الشرطة أو قبيلة ماكرون أو أي جهة أخرى،لكن ماذا لو كان الصافع فرنسي مسلم، فإن القصة حتما ستاخذ منحا آخر له توصيفات أخرى مرتبطة بالكراهية والإرهاب (العنصرية اليمينية)،وحتما فإن الإعلام الغربي سوف يسوقنا إلى متاهات تشوه ثقافتنا وحضارتنا الشرقية.
ما لا نحبه في حضارة الغرب عنصر الكراهيه ليس ضد المسلمين بل وضد السود أيضا والملونين الذين يعانون الأمرين في أمريكا وأوروبا، ولا يمكن نسيان حادثة اقتحام الكونغرس من اليمين الأمريكي الترامبي وقتل الشرطة لجورج فلويد الأسود والكراهية الشعبوية المتجذرة في ثقافة العرق الأبيض وهناك قصص وحوادث كثيرة، ولا تجدها في حضارة وثقافة الشرق العربي نهائيا.
العلامة الفارقة ما بين حضارتنا والغرب مرتبطة بالثقافة والعادات والتربية والدين وو..الخ، ففي بعض دول المشرق العربي اليوم عندما هتف بعض الشباب ينادون بالحرية دخلنا في دوامات من الفوضى والحروب وتدخلت القوى الكبرى دون جدوى لوقف نزيف الدماء والعيب ليس في الشعوب وثقافتها بل بالمحاكم الطاغية،وهذا أيضا لا يعني أننا متخلفون أو غير قادرين على النهوض من جديد ،بل يعني أن شعوبنا تواقة للحاق بالحضارة الغربية في جوانبها المضيئة دون عنصر الكراهيه والكيل بمكيالين.
ما لا نحبه في الحضارة الغربية هو الشوفينية اليمينية التي تنظر إلى الآخر على أنه مستباح بماله وفكره وحتى بجسده، فقبل أيام تعرضت عائلة مسلمة في كندا إلى الدهس على يد شاب يميني وقبل سنوات كلنا يتذكر مذبحة جامع في نيوزيلندا، الحوادث تتكرر ،كما أن الغرب بثقافته الشوفينية يرى في نهب ثروات العالم أمرا مباحا، والامثلة عديدة على عربدة فرنسا ودول أوروبية أخرى على دول القارة الأفريقية وعلى دولنا، وما لا نحبه في الغرب أيضا نفاقه ودعمه الأعمى لإسرائيل،ومثل هكذا ثقافة وحضارة لا تجدها عندنا نحن في المشرق العربي والإسلامي.
ما لا نحبه في حضارة الغرب هو الديمقراطية الإباحية، وما نحبه ونبتهر به هو العدالة والمساواة والاستقرار والديمقراطية المنضبطة، ونرى بأننا ذاهبون إلى قلب العالم من جديد لأن جيناتنا الثقافية والحضارية لا يوجد بها عنصرية شوفينية ضد الآخر سواء أكان غير مسلم أو حتى بلا دين وعلينا أن نتذكر دائما أن تقدم وازدهار الحضارة الغربية هو بما كسبته عن حضاراتنا الممتدة في جذور العالم منذ آلاف السنين وأن قصة الصافع والمصفوع ما هي إلا صورة ناصعة لثقافتنا وحضارتنا دون عنصرية يمينية أو يسارية ودون الكيل بمكيالين.
الدستور