هل يجلس «الإخوان» على مقاعد الحكومة والكنيست في إسرائيل؟
خصوم الحكومة الإسرائيلية الجديدة، يأخذون عليها أنها تضم في صفوفها ممثلين عن جماعة «الإخوان المسلمين» داخل الخط الأخضر، مع أنهم لم يمانعوا في ضم القائمة العربية الموحدة، إلى صفوف ائتلافهم، بل وسعوا في خطب ود «الصوت العربي»، وأداروا حوارات مع منصور عباس، كان يمكن أن تنتهي إلى صفقة مماثلة لتلك التي أبرمها بينت-لبيد معه.
لكن «أخونة» الحركة الإسلامية الجنوبية، ذراع القائمة العربية الموحدة «راعم»، لم تقتصر على خصوم بينت-لبيد من معسكر اليمين...»أخونة» هؤلاء يقودها كذلك، إعلام وصحافة وكتاب دول التطبيع العربي، وخصوم الجماعة الأم في العالم العربي، ولقد رأينا زخماً هائلاً من المقالات والتقارير والتعليقات التي تذهب جميعها في هذه الاتجاهات، وتصدر جميعها عن «محور واحد».
ثمة فريق ثالث، من الوطنيين واليساريين والعلمانيين، الذين انخرطوا أيضاً في لعبة
«شيطنة» الإخوان وليس «راعم»، على اعتبار أن كل ضررٍ يلحق بهذا التيار العريض، سيصب «القمح صافياً في طاحونتهم»، مع أن بعضهم، أو كثيرٍ منهم، أذكى من يقارفوا هذه الخطأ المعرفي، وإن كانوا لا يمانعون في توظيفه واستخدامه، في معاركهم مع هذا التيار.
أياً يكن من أمر، فثمة في أوساط الإسلاميين، من يخلع عن الحركة الإسلامية الجنوبية عباءة «الإخوان المسلمين»، ويسدلها على كتفي الشيخ رائد صلاح، والحركة الإسلامية الشمالية التي حظرتها حكومة نتنياهو قبل سنوات، وعاقبت الشيخ المناضل، رجل الأقصى، بالسجن المتكرر مرات ومرات.
الحركة الإسلامية، شمالية وجنوبية، تنفي عن نفسها أي ارتباط سياسي أو تنظيمي، أو حتى «تنسيقي» مع جماعة الإخوان المسلمين، فهي وفقاً للنائب في الكنسيت سعيد المخرومي عن «راعم» الذي امتنع عن التصويت لصالحة حكومة بينت-لبيد، تعيش في «بطن الحوت»، ما يعني أن مثل هذه العلاقات متعذرةً، حتى وإن كانت مرغوبة.
والحقيقة أن الحركة الإسلامية بجناحيها الشمالي والجنوبي، تأثرت بالمناخ العام لجماعة الإخوان، الممتدة في عشرات في الدول والمجتمعات...ولا شك أن مؤسسها عبد الله نمر درويش، تأثر ببعض شيوخها وهو يتلقى تعليمه في كلية الشريعة بنابلس مطلع سبعينات القرن الفائت، وأنه وصحبه، قبل قيام السلطة، كانوا على صلة أكثر انتظاماً بالجماعة الفلسطينية، بحكم سهولة الحركة والتنقل، تماماً مثلما تأثرت حركات يسارية ووطنية داخل الخط الأخضر، بمرجعيات العمل الوطني الفلسطينية المختلفة، من يسار ويمين ووسط.
معروف أن الحركة الشمالية، أقرب سياسياً لنهج الجماعة الإخوانية في النظر لإسرائيل والعلاقة معها وللقضية الفلسطينية بفصولها المختلفة...سيما وأن «حماس»، خلال السنوات الثلاثين الفائتة، تركت بصمات ظاهرة على مواقف الإخوان من المسألة الفلسطينية.
لكن اللافت للأمر، أن الجماعات الإخوانية، بما فيها الأردنية، لم يصدر عنها ما ينتقد أو يندد بمقاربات «راعم» ورئيسها للعلاقة مع إسرائيل، وائتلافه مع حكومتها اليمينية...صمت فسره إخوانيون بأنه نابع من كون الحركة لا تمت لهم بصلة، فيما ذهب خصوم الجماعة ومجادلوها لوصفه بـ»الصمت المتواطئ»، الذي يُبقي الباب مفتوحاً لسيناريوهات مستقبلية من هذا النوع...يدلل هؤلاء على جدية تفسيرهم، بالاستناد إلى إحجام إخوان مصر عن المس بمعاهدة كامب ديفيد، أو إغلاق السفارة وطرد السفير، أو ترجمة أي من شعاراتهم السابقة لوصولهم إلى السلطة...ولاحقاً سيكون سعد الدين العثماني، زعيم الحزب المغربي الأول، ذي المرجعية الإسلامية، يتولى شخصياً توقيع اتفاقات التطبيع مع إسرائيل.
في ظني أن المسألة برمتها بحاجة لنقاش في العمق، لا نقاش مهاتر، لا لتوضيح مواقف «راعم»، على أهمية ذلك، بل لإجلاء مواقف الجماعات الإخوانية من مسألة على هذه الدرجة من الأهمية والخطورة.
الدستور