خمسة صواعق داخل «اللجنة»
حين سمعت رئيس لجنة « تحديث المنظومة السياسية»، سمير الرفاعي، يتعهد « الا يحكم عمل اللجنة أي قناعات مسبقة، ولا يعيقه تخندق وراء رأي «، قلت : ربما يعبر الرجل عن موقفه، وربما سيحاول جاهدا، كرئيس، أن يكون هذا المسار مرشدا للآخرين من أعضاء اللجنة، لكن حين دققت في تصريحات بعض الأعضاء وما رشح من أخبار عن اجتماعهم الأول، ثم ما سمعته من بعضهم في « السر «، تولدت لدي ما يشبه القناعة بأن ما ذكره الرئيس يمكن أن يندرج في إطار الأمنيات، فالذين دخلوا اللجنة (92) دخلوها ومعهم قناعاتهم المسبقة ولن يتنازلوا عنها، وبالتالي فإن اشتباك القناعات المسبقة سيكون بمثابة « إعصار « داخل اللجنة .
هذه واحدة، اما الأخرى فهي ان اللجنة تشكلت من خليط من التيارات والأشخاص المستقلين، بعضهم لديه ما يكفي من الخبرة في المجالات السياسية والتشريعية، وبعضهم خبرته متواضعة، ومن المتوقع أن تتحول هذه التيارات تبعاً لحجم ممثليها وقدرتهم على سحب بعض المستقلين إليها، إلى « كتل « بات واضحا منذ الآن من يتصدرها، كما بات واضحا ما تحمله من « آراء « مسبقة حول أهمية ثلاثة بنود في « المنظومة « وهي الانتخاب والاحزاب والدستور .
نقطة ثالثة وهي ان ثمة عناصر ستحاول ان « تفجر « اللجنة من داخلها، او ان تعيق عملها على الأقل، وهؤلاء ينتمون الى صنفين : الأول دخل اللجنة وهو يقدم رجلاً ويؤخر أخرى، بمعنى انه لم يكن مقتنعا بجدوى ما يمكن أن تفضي إليه من نتائج، وبالتالي فإنه سينتظر أي لحظة « اشتباك « ليسجل هدفا في مرمى « الشعبوية « ويعلن الانسحاب منها، اما الصنف الثاني فهو من نوع الذين دخلوا لتسجيل موقف سياسي بالحضور مؤقتا، لاسباب تتعلق بمحاولات كسر « القطيعة « بينهم وبين الدولة، وبالتالي فإنهم سينتظرون حتى اقتراب نهاية عمل اللجنة، عندها « سينسحبون « تحت ذريعة ان ما قدمته من اقتراحاتهم لا يمثلهم، هذا الصنف يريد أن « يلعب « سياسة حفاظا على مصالحه لدى طرفي المعادلة : الدولة والشارع .
نقطة الرابعة وهي أن اللجنة تكاد تخلوا من « كتلة « ضبط الإيقاع، بمعنى أن التجاذبات بين ممثلي التيارات القويه ستأخذها « يساراً» أو» يميناً « فيما سيجد « الوسط « نفسه غير قادرٍ على إيصال النقاشات ومن ثم « الاقتراحات « إلى مشتركات وتوافقات تحظى باتفاق الأغلبية او التزامهم، وهذه نقطة انفجار أخرى أيضا .
نقطة خامسة تتعلق بقدرة « الرئيس « أولا، ورؤساء اللجان على توجيه النقاش العام و إدارة الاختلافات، هذه الإشكالية تبدو غير محسومة من خلال حدة « التنافس « بين بعض كتل اللجنة من جهة، وبين تواضع خبرة بعض الأعضاء من جهة ثانية، ثم السعي من قبل آخرين لانتزاع إعجاب « الجمهور « الذي انتقد مشاركتهم، من المتوقع أن تكون مهمة الرئيس هنا صعبة، كما ان محاولات « التغريد « خارج السرب من بعض الأعضاء ستكون واضحة وستصب بعكس الاتجاه المطلوب .
الدستور