إعتب على الذيب لا تعتب على الواوي !
نحن وليس غيرنا، من ييسّر ويساهم في تهبيط الذوق العام والقيم والمهنية والوطنية، بمتابعة العرّاطين والفشّارين والعيّارين ومشاهدة والإستماع الى شتائمهم وزعبراتهم.
لقد جعلنا من النكرات اللحاسين المفصومين المصابين بالهشاشة المعرفية والقيمية والاخلاقية، معارضين وزعماء وطنيين وقادة، نتابعهم وننتظر تعليلاتهم اليومية التي تحمل اقذع الاساءات الى بلادنا.
اختلفت متطلبات الزعامة والقيادة والريادة، فأصبحت ان يشتم «الزعيمُ» البلاد ملكا وحكومة ومؤسسات، بصوت مقرقع حاد مرتفع وبمفردات متوحشة دموية.
ليس مهما ما يسوق «الزعيم» من حجج ومبررات واسانيد، المصداقية ليست من متطلبات تأهيل الزعيم. إذ تكفي الشتائم وإجزاء ونتف الحقائق للحصول على صولجان الزعامة ومقود القيادة.
ولطالما قلنا اننا «نعتب على الذيب ما نعتب على الواوي». نعتب على المثقفين والمتعلمين الذين اصبحوا يشتغلون عند النكرات والمعطوبين، لا يكتفون بالإصغاء للغثاء والرغاء، بل يعيدون نشره وتعميمه بإخلاص وسرعة وفرح، وببلاش !!
رأيت شخصية محترمة عند قومها، تمشي خلف احد هؤلاء ... «البسطاء» فأصابتني الدهشة والفجيعة والذهول.
اتصلت بالرجل الغالي على قلبي، الذي احرص على مكانته وقلت له: والله لو انني رأيت فلانا، الذي تتخذه قائدا لك وقدوة يصب القهوة في ديوانك لعتبت عليك !!
ورأيت معارضين محترمين صادقين صلبين يلتزمون الصمت والنكوص والتفرج في حالات عديدة تستدعي الإدانة والفضح، لم يتحركوا لادانتها، فقط لإنها ضد النظام !!
النظام ليس بلا اخطاء وعيوب. نحن نراها ونؤشر عليها. لا نتستر على خمج او على ممارسات سلبية او انتهاكات اقتصادية او سياسية. كما اننا لا ننتقص من انجازات بلادنا ولا نغمطها.
فالإفراط في الموالاة العمياء مؤذ وضار وغاش يخلو من الشرف والنزاهة. وهو يعادل الإفراط في المعارضة الكيدية الاعتباطية العمياء.
والنقد السياسي ضروري كما هي المعارضة الوطنية البناءة. وليس من قماشة الإصلاح ان يهبط مستوى النقد الى مستوى الردح والتكفير والتخوين ودلق السواد على كل بياض الوطن.
وان الشتم والذم ليس عملا اخلاقيا علاوة على انه ليس عملا سياسيا.
الدستور