النهوض بالوطن
حالة الارتياح و التفاؤل التي نعيشها وطنيا بجهود اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، اعادت الامال باحياء مشروع النهضة الشاملة. فتحديث المنظومة السياسية بشكل كامل يمهد الارضية المناسبة، و الحالة الملائمة، لادراك معالم مشروع وطني متكامل يدشن المئوية الثانية بعزم و ثبات.
قامت الحكومات المتعاقبة بجهود ملحوظة في تحفيز الاقتصاد و تطوير العمل الحكومي بشكل عام، و لكن الحقيقة ان هذه الجهود كانت بنظام التجزئة، ليست مترابطة و لا مشبكة. و بقيت الاسئلة المركزية عالقة بلا اجابات شافية. هل يمكن لعمليات التصحيح الموضعية، و اجراءات التحفيز القطاعية، ان تشكل اساسا فاعلا لنهضة شاملة؟ ما هي عناصر مشروع النهضة الاردني العابر للحكومات في المئوية الثانية؟ ما الذي نريده كشعب، و كوطن؟ ما هي نظرتنا للاجيال القادمة؟
الحسابات المالية و ضمان الاستدامة فيها امر ضروري، و لكن ذلك ايضا لا يشكل اساسا نافعا لمشروع متكامل. علينا ان نعرف و ان نؤطر رؤيتنا و اهدافنا المستقبلية حتى نحدد خط سيرنا و كيفية تقييم الانجازات. مطلوب منا تحديد اجندات فلسفية و اخلاقية للمحاور الاساسية من جودة الحياة و الاستدامة، و نظرتنا للعدالة الاجتماعية، و مفهومنا للمواطنة. ما هي مستهدفاتنا لمؤشرت التنافس و التعاون العالمي، في التعليم، و الابتكار، و اهداف التنمية المستدامة؟ و غير ذلك من طموحات المجتمع؟
تحسن الحكومة صنعا اذا بدأت بعيد اتمام عمل اللجنة الملكية بمشروع عصف ذهني وطني لتأطير معالم مشروع نهضة متكامل يتم الاعلان عنه قبل انقضاء عام المئوية. مشروع طموح على مستوى الاردن يشترك فيه الجميع من شباب، و خبراء، و فئات المجتمع كافة. الحاجة ماسة اليوم الى اشراك المجتمع، و خصوصا الشباب، بمشروع وطني ايجابي يشحذ الهمم و يعزز من القيم الوطنية و يصنع المستقبل. يمكن لمشروع النهضة ان يعيدنا الى المعنى الحقيقي للوطنية الا و هو التكافل و التضامن. يتوق المجتمع الى رؤية و خطة شاملة تعمل على الارض لتطبيقها. الامل في ذلك كبير فالقلوب و العقول جاهزة.
الدستور