العم سام والولي الفقيه والحاخام الأكبر
الرد الأمريكي الذي طال مواقع للحشد الشعبي العراقي الموالي لأيران في آخر ضربة على الحدود العراقية السورية لن يكون كافيا مستقبلا لوقف الهجمات التي تشنها هذه الميليشيات على القوات الأمريكية في العراق وفي اقليم كردستان الذي تعرض مطار اربيل فيه لعدة هجمات.
فإذا اخذنا بضعة الصواريخ التي سقطت في محيط مواقع نفطية في سوريا يسيطر عليها الأمريكيون ، فإننا - كمراقبين - نعتقد بأن هذه الصواريخ كانت استعراضية فقط ، وإلا فإنه يفترض - وفق ما سمعنا من تهديدات - بأن وابلا من الضربات كانت ستطلق على قواعد في الغرب والشمال ، ما يستشف منه بأن الأيرانيين لا يرغبون الآن في التورط بمزيد من التهور ، كما وإن ما جرى خلال الايام القليلة الماضية من اطلاق صواريخ وطائرات مسيرة وآخرها شاحنة مفخخة بالقرب من قاعدة عين الأسد كانت وجهتها محيط الاهداف وليس الأهداف عينها ، وهو أمر لا يشي بتدهور المحادثات النووية بل هو جزء من الاستراتيجية التفاوضية لكلا الطرفين .
من هنا نفهم بأن الرد الأمريكي على الطائرات المسيرة وصواريخ الكاتيوشا والشاحنات المفخخة ليس سوى تعبير عن الغضب والامتعاض وحفظ ماء الوجه امام العالم ، ما جعل الضربة الأخيرة كبيرة وقوية وذات رسائل موجهة أحداها لرئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الذي حضر العرض العسكري المستفز الذي اقامته ميليشيات الحشد قبل الضربة بساعات ، وتعلم واشنطن قبل غيرها بأن هذه الضربة لن توقف الهجمات " غير الدامية " أبدا .
وما بثته وسائل الاعلام الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين عن أن صبر الولايات المتحدة بدا ينفذ وما قاله وزير الخارجية عن هجمات الحوثيين على مأرب ، ليس سوى كذب ونفاق عهدناه في حكومتي أوباما الأولى والثانية ، وليس مستبعدا ان تتم صفقة مفاجئة بين الطرفين على طريقة أوسلو التي افاق الفلسطينيون والعالم عليها بينما كان رئيس الوفد الفلسطيني إلى المباحثات حيدر عبد الشافي لا يعلم عنها شيئا ما دفعه للإستقالة قبيل وفاته .
نتوقع ،بأن مفاوضات سرية تجري من تحت الطاولة ، وبأن مضمون هذه المفاوضات ليس جديدا وإنما أضيف الى اتفاق سابق أعلن عنه في آخر عهد أوباما برئاسته الثانية وما تكشف منه في حينه ، عن موافقة الولايات المتحدة على دور رئيسي لإيران في إدارة المنطقة ، " يضاف الى ذلك مذكرات الرجل نفسه " أما ما يعلن عنه بين الفينة والأخرى من خلافات واختلافات وتناقض في المواقف فليس سوى " لعب عيال " مهمته الضحك على ذقون الفلسطينيين والعرب ، والعالم ايضا ، وبموافقة أسرائيل إن شئتم طالما أنها تضمن حصتها في المنطقة بكل اريحية .
وإذا كان اتفاق أوسلو ضربة موجعة للقضية الفلسطينية ، ووقتها لعبد الشافي الذي استقال فورا ، فإننا لا نعتقد أن ايا من المسؤولين العرب سيستقيل إذاما خرجت في الأسابيع المقبلة تباشير هذه الصفقة المنتظرة : حينما يكتشف العرب ومعهم الفلسطينيون بانهم كانوا مجرد أضحوكة ضمن ألاعيب الثلاثي : العم سام والولي الفقيه والحاخام الأكبر .
جي بي سي نيوز