ثورة العطش في الاحواز العربية
استخدمت ايران كل الوسائل لقمع مظاهرات خوزستان ومركزها الاحواز العربية ما ادى لمقتل متظاهرين وجرح العشرات ،ووفق تقرير لهيومان رايتس ووتش ، فإن ما يقوم به الحرس الثوري في قمع المظاهرات في هذا الاقليم هو استخدام للقوة المفرطة ضد المدنيين يضاف إليه عشرات التقارير الأممية التي أدانت عمليات الاعدام ضد المعارضة من رجال وشيوخ وحتى نساء حوامل في هذا الاقليم العربي المحتل .
وبالمناسبة ، فإن ما يجهله العرب عن الاحواز يضاهي ما يجهلونه عن مختلف قضاياهم المصيرية ، سواء التاريخية منها أم المعاصرة ، ولعل كثيرين يجهلون بأن الاحواز تشكل أكثر من 350 ألف كيلو متر مربع من مساحة ايران ، وكما ظهر في التظاهرات الأخيرة ، فإنه وللمرة الأولى حاول النظام تهدئة المتظاهرين عبر وساطات مختلفة كما كشفت بعض التقارير ، لدرجة خرج معها المرشد نفسه علي خامنئي ليقول بأن الناس هناك لديهم الحق في التذمر نتيجة شح المياه وضعف البنى التحتية ، زاعما بأنه سبق وأوصى بالانتباه لهذا الاقليم وتحسين الخدمات فيه غير انه لم يتم تنفيذ اوامره وفق ما قال ، مع أن كل من يعرف عقيدة الملالي يعلم بأن كل ما يجري في ايران وفي مختلف اقاليمها يخضع لمراقبة مكتب المرشد الذي هو صاحب القرار الأعلى في هذا البلد .
ولكي لا تذهب بنا انتفاضة الاحواز بعيدا ، فإن شح المياه التي فجرت هذه الاحتجاجات المؤازرة من قبل اقاليم اخرى لن تذهب ابعد من عصيان مدني سرعان ما ينتهي لعدم وجود دعم عربي حقيقي لثورة الشعب العربي في الاحواز المحتلة ، وإذا نظرنا إلى محيط النفوذ الايراني في المنطقة في ما يتعلق بالمياه بالذات فإن ما يشهده لبنان الآن من شح مياه الشرب يذكر بما قلناه مرارا وتكرارا عن الخراب الذي يخلفه النفوذ الايراني حيث حل وحيث كان ، ولما كانت الأحواز ارضا محتلة ، فإن النظام لا يتعامل مع شعبها تعامل أي نظام مع مواطنيه بل كما يتعامل المحتل مع شعب تحت الاحتلال ، ومن هنا تتضح اسباب التخلف والجهل وفقدان أي مقومات للحياة هناك وسط بناء سدود على الانهار للتضييق على السكان ووسط حصار أمني بمخالب تقطر دما .
إنها لمفارقة عجيبة أن يتواجد في الاحواز 90 % من ثروة ايران النفطية وغيرها ، بينما يفتقر شعبها لأبسط مقومات العيش ، ومفارقة أكثر إيلاما أن الاحواز التي يعطش أهلها الآن تضم أكبر نهر عظيم يمتد لأكثر من 950 كيلو متر وله دلتا واسعة ويصب في شط العرب وينتهي في الخليج العربي وهو نهر كارون أو المسرقان الذي قطعته ايران عن الاقليم بالسدود والتحويلات لتعطيش أهله العرب لضمان السيطرة عليهم .
ما يحدث للعرب الاحوازيين الآن من عطش رغم وجود نهرهم التاريخي يختزله قول الشاعر :
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول .
جي بي سي نيوز