هاتف الرئيس سعيد و"الأمور التي يصعب البوح بها"
بغياب شمس اليوم الاثنين يمضي اليوم الخامس عشر على الاجراءات الاستثنائية الطارئة التي اعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد .
في المقابل هناك 15 يوما متبقية لإنهاء الاجراءات التي بموجبها أقال رئيس الجمهورية قيس سعيد رئيس الوزراء هشام المشيشي، وجمد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، لتغدو البلاد بلا حكومة او مجلس نيابي، مكتفية برئيس يحمل رؤية ما زالت غامضة حتى اللحظة في دوافعها، وسبل الخروج منها.
خمسة عشر يوما لم تشكل فيها حكومة كلبنان؛ فأزمة لبنان كان للرئيس ميشيل عون دور بارز فيها -بحسب خصومه- أعاق تشكيل الحكومة بحسب ادعاءات خصومة المحليين والاقليميين، ودفع الحريري للانسحاب دون إقالة، فهل ستعايش تونس ازمة مماثلة لأزمة لبنان بمعية الرئيس قيس سعيد، أم إنها ستكون أشد وطاة بغياب البرلمان والمؤسسات التشريعية، مرفقة بنذر حرب تلوح في الأفق بين القضاء والرئيس والمجتمع المدني؟
النظرة المتشائمة للاوضاع في تونس يقابلها تفاؤل بإمكانية اختياره رئيس وزراء جديدًا، ووضع خارطة طريق واضحة؛ فالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورغم أنه شارك الرئيس سعيد غموضه بالقول "إن سعيد أخبره (عبر الهاتف) بأمور لا يمكن البوح بها"!! إلا أنه أكد سيادة تونس، وقدرتها على حل مشاكلها داخليا دون تدخل خارجي.
تصريحٌ مهم جاء متزامن مع مكالمة هاتفية بين الرئيس قيس سعيد والرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي تعرض هاتفه في وقت سابق للقرصنة والتجسس عبر برنامج "بيغاسوس".
اتصالٌ هاتفي عكس اهتمام الشركاء الاوروبيين، وعلى رأسهم فرنسا، بالاوضاع الداخلية في تونس، إذ باتوا اكثر نشاطا في هذا المسار، ليطالب ماكرون الرئيس التونسي سعيد بضرورة وضع خارطة للطريق، واستئناف الحياة الديمقراطية، ملتحقًا باتصال وزير خارجية امريكا بلينكن، ومن بعده مستشار الامن القومي الامريكي جيك سوليفان الذي هاتف سعيد ساعة كاملة.
من لدن الموقف الاقليمي والدولي يُطرح تساؤل مهم: هل ستعاقب اوروبا وفرنسا تونس ورئيسها كما فعلت مع لبنان في حال طالت الازمة، وتواصل تعطيل المؤسسات الديمقراطية، أم إن تونس مختلفة ولماذا؟
وفي المقابل هل "الامور التي لم يمكن البوح بها" مرتبطة بتدخلات اوروبية، أم إنها امور خاصة بالرئيس سعيد وصلاحياته؟ وهل تونس معنية بهذا "الامور التي لا يمكن البوح بها"، أم إنها خاصة جدًّا ولا تصلح للنشر، او أن تقال للعامة فلا تعنيهم، وتقال عبر الهواتف ولساعات خصوصًا مع جيك سوليفان؟!!
سؤال برسم الاجابة المفتوحة التي يمكن القول أن احداها تتعلق بمعاناة تونس الاقتصادية: انكماش ناجم عن نمو اقتصادي سلبي بلغ - 8%، وبطالة مرتفعة ومديونية عالية تقدر بـ 30 مليار دولار؛ أي: ما يعادل 90% من الناتج المحلي الإجمالي، مع تقديرات توكد حاجة البلاد إلى اقتراض 6 مليارات دولار لهذا العام من مصادر محلية وأخرى دولية، وهي أحد أكثر الامور الخاصة في تونس خطورة وحرجًا.
ختامًا..
هل تعطيل الحياة الديمقراطية السبيل الوحيد للحصول على 6 مليارات دولار؟ وهل هذه هي "الامور المحرجة التي يصعب البوح بها"؟ وهل حصول تونس على هذه القروض سيعني استئناف الحياة الديمقراطية، أم إنها ستحتاج للمزيد فيما بعد من التعطيل؛ للحصول على المزيد من القروض! أم إنها مجرد خرافات وأوهام لا تعكس الحقيقة التي تخفيها دبلوماسية الهاتف التونسية؟!!