التحدّي
كثيراً ما تفقد الكلمات معانيها الحقيقية وكثيراً ما تخسر قيمتها عند التطبيق.
مثلاً شعار «الإسلام كل شيء» شعار صحيح سبقنا إليه الكتاب العزيز «مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ».
وقول الخليفة الأول «لو افتقدت عقال بعير لوجدته في كتاب الله».
المقصود المبادئ العامة التي يخضع لها كل شيء، وليس بالضرورة كل التفاصيل التي تصنع الحياة. وتحكم الأحياء.
المعنى الآخر المهم هو أن يكون الإسلام من الحيوية، والتحرك، والمرونة، والديناميكية، بحيث يصاحب تطورات الحياة، وبذلك يغطي كل شيء ويحكم كل شيء.
لنفترض وقوع العكس، وأصبحت بعض المؤسسات المعبّرة عن الإسلام، مؤسسات جامدة خاملة، رجعية، ألا تفرض مزاجها ولونها على كل شيء.
بهذا المعنى يصبح الإسلام قيداً أمام الحضارة والتطوّر، والعلم، ويصبح الشعار عكس الحقيقة.
وهذه هي إحدى حجج العلمانيين، والشيوعيين، والملحدين. ومن لف لفهم.
حين استمع لمجادلات بعض «الإسلاميين» حول طول الثوب، وشكل اللحية، والسواك، وبقية التفاصيل المعروفة، أصاب بالمغص والغثيان.
أخشى أن يفقد لإسلام قدرته على الإنطلاق في صراع حضاري محموم وسياق عالمي لا يرحم.
أجدني أصيح مع ابن تيمية رحمه الله «يا له من دين لو أن له رجاله»!.
«الإسلام كل شيء» شعار صحيح، ولكن المطلوب ثورة فكرية حقيقية، تجعله قادراً على أن يعطي النور والحياة، والهواء لكل شيء.
وهذا هو التحدي الحقيقي.
القاهرة، اغسطس 1988
من سلسلة مقالات «غير منشورة» للمرحوم كامل الشريف
الدستور