خصومات وحروب وسجالات بالوكالة
كثيرا ما ابتعد في هذه الزاوية أو في غيرها، عن إثارة مواضيع يراها بعضنا مهمة، ومن حق الناس معرفتها، لكنني أشعر بأنني أفهم (شوية سياسة)، وهذا بالطبع شيء لا اعتز به، الا بمقدار اعتزازي بمعرفة بعض القوانين من أجل عدم الوقوع في مشاكل أنا بغنى عنها، وبالنسبة للكاتب الصحفي ثمة زوايا في السياسة عليه ان يفهمها، ثم يحدد موقفه منها، ولا يسقط في شرك التضليل، الذي يكون فيه مجرد شخص يؤجر كتفه وقلمه ليخدم طرفا من متنافسين ومتخاصمين او متناكفين.
لو سألني أحدهم مثلا عن التطبيع مع العدو الاسرائيلي بالقول: كم عدد الأردنيين الذين طبعوا، او درسوا وتخرجوا من الجامعات الاسرائيلية، ومن هو اول اردني خريج من هذه الجامعات؟ فالسؤال وجيه وله علاقة بقضية اردنية وفلسطينية وعربية وعالمية، ومهما كتبنا فيه فهو واجب علينا، فنحن أردنيون ملتزمون بفلسطين وقضيتها وسائر القضايا العربية.
وفي مثال آخر، لو عاتبني أحدهم مستفسرا عن عدم ولوجي مساحات الجدل حول عمل اللجنة الملكية التي يرأسها سمير الرفاعي، وتداعيات ضم او استقالة أعضاء منها، فالسؤال وجيه، لكن اللجنة وعملها جهد داعم للحوار السياسي، وكل الغبار المثار حولها غير مهم البتة، والغوص في غمار جدالاته وخصوماته لا يعتبر ذو قيمة سياسية، بل فيه مناكفات وخصومات و(مكاسرة) وإثبات ذات، وتسويق لشخصيات عادية، وبعضها مستقبله في السياسة محدود.
باختصار شديد: كثيرا ما أحدث نفسي في مثل هذه المواقف.. ليست حربك ولا ناقة لك فيها او جمل، ومشاركتك فيها قد تمنحها بعدا آخر، وتقدم دعاية مجانية، في موقف غير محسوب قد يعرضك للاحراج في ظرف أو منعطف ما.
لا اتحدث فقط عن لجنة تحديث منظومة التشريعات السياسية المتعلقة بالمشاركة في صناعة القرار الشعبي، ولا عن الجدالات والسجالات فيها أو حولها، والتي اعتبرها فائضة عن الحاجة، بل عن كل الحروب التي هي ليست حروبك، ومساهمتك في إشعال أوارها لا تفيد بلدا ولا تخدم هدفا، لأنك ستبدو غبيا عندئذ حتى لا نقول مطيّة، او ضحلا في السياسة ومراميها، وهذا اقل من التصنيف الأهم، وهو أن يتم حسابك زورا على جهة او أجندة أو شخص ما، بينما أنت في الحقيقة على نقيض فكري وسياسي معه ومع خطه السياسي.
فلا تنجرف، أو تهرف بما لا تعرف..
إرحموا الناس والمشهد العام من صديد النضالات وجبن البطولات.
الدستور