«قمة بغداد».. العراق ليس وحده
. هذه هي الرسالة الأهم في هذه القمة التي يستضيفها العراق اليوم (قمة بغداد للتعاون والشراكة) بمشاركة دول الجوار ومشاركة دولية من غير دول الجوار، وبحضور ومشاركة الأردن ودول شقيقة وصديقة.. وهذا ما عمدت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي منذ توليها زمام الأمور في العراق (مايو /أيار 2020) على ترسيخه برغبة أكيدة لاستعادة العراق دوره العربي والاقليمي، وهذا ما اجتهد الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني على ترسيخه قولا وفعلا بأن عراق اليوم وبحكومة الكاظمي مختلف تماما بسياساته ورؤاه وبتوجهاته الصادقة نحو عمقه العربي واستعادة دوره الاقليمي بالتعافي من تبعات السنوات العجاف التي واجه فيها العراق أخطار الارهاب والتطرف وتجاذبات الاقليم، وهي مخاطر (حتى وان استطاع العراق أخيرا التخلص من الوجود الداعشي) الا أن الأخطار لا زالت محدقة،.. لكن ما يزيد العراق قوة وقدرة على مواجهة كل تلك الأخطار والتحديات هذا الالتفاف العربي والاقليمي والدولي حول حكومته وشعبه بكافة ألوان الطيف والموزاييك السياسي، الذي تجتهد حكومة الكاظمي على ترسيخ وشائج اللحمة والتعاضد والتماسك داخليا وخارجيا من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها العراق بالاضافة للتحديات الأمنية والسياسية.
استقرار العراق وأمنه وأمانه كان على الدوام محط اهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني، وكان هذا الملف على طاولات الحوار والبحث خلال زيارة جلالة الملك عبدالله الاخيرة الى واشنطن ولقائه الرئيس الامريكي جو بايدن وجميع غرف صناعة القرار في الولايات المتحدة الامريكية، ممّا ساعد كثيرا خلال بحث تلك الملفات خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي التي تلت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني مباشرة الى واشنطن.
تحالف (الاردن والعراق ومصر) يدخل في اطار اعادة الدور للعراق ضمن منظومة أطلق عليها رئيس الوزراء العراقي نفسه (مصطفى الكاظمي) «محور الشام الجديد» ولهذا الاسم دلالة ومغزى سياسيّين مهمّين خصوصا عند التذكير والربط أيضا بين هذا المحور ومحور (الاردن واليونان وقبرص) والذي أشار في بيان القمة الأخيرة في اثينا الى دور العراق واستعداد اليونان وقبرص للتعاون الاقتصادي في مرحلة اعادة اعمارالعراق، اضافة الى مشاريع اقتصادية اقليمية كبيرة.
جلالة الملك عبدالله الثاني كان أول زعيم عربي يزور بغداد بعد (2003) شخصيا وتحديدا في (2008) ثم بعد نحو 10 سنوات وتحديدا في (2019) تأكيدا على العلاقات الاردنية العراقية المشتركة، ودعما للعراق شعبا وحكومة، وكذلك كان حضور جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قمة بغداد - حزيران 2021- (وهي المرة الاولى للرئيس المصري منذ 2003 أيضا) الى بغداد دعما للعراق شعبا وحكومة.. وكل ذلك شكّل رسائل واضحة للعالم بأن أمن واستقرار العراق أولوية ليس للعراق وحده بل ولدول الجوار والاقليم والعالم.
حتى الكويت تعالت على جراح الماضي وفتحت صفحة جديدة وأبوابا مشرعة للعراق والعراقيين واستضافت عام (2018) مؤتمرا دوليا لاعادة اعمار العراق (وشاركت الاردن في ذلك المؤتمر).
عودة العراق لدورها العربي والاقليمي والدولي بات ضرورة ملحة، وآن للشعب العراقي أن ينعم بالامن والامان والسلام والوئام، وأن يبدأ مرحلة اعادة الاعمار واصلاح الاقتصاد ومواجهة تحديات الاستثمار وخلق فرص عمل، وهذا ما تعمل على تحقيقه حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي التي يجب أن تحظى بدعم عربي واقليمي وعالمي لتحقيق الاهداف المرجوة في هذه المرحلة التي يعوّل فيها على قدرات رئيسها بلعب دور «توافقي» بتقريب وجهات النظر في كثير من ملفات الاقليم.. وأعتقد بأن انعقاد هذا المؤتمر اليوم في العاصمة بغداد (قبيل أسابيع من انتخابات برلمانية مفصلية) هو أبلغ رسالة عربية واقليمية وعالمية، على دعم حكومة الكاظمي، والاستعداد للتعاون معها في سبيل تحقيق الأمن والأمان والاستقرار، واعادة عجلة الاقتصاد والاعمار للعراق.
الدستور