طالبان الجديدة .. هل سيعترف بها العالم ؟
إذا كانت افغانستان رزحت تحت الحروب اربعة عقود متواصلة منذ اجتاحتها جيوش الاتحاد السوفيتي ، ومن ثم الفصائل الافغانية التي تناحرت لسنوات قبل أن تسيطر طالبان على اغلب البلد في تسعينيات القرن الماضي ، ومن ثم مجيء الاحتلال الأمريكي مع تحالف الشمال ، وبعده الأمريكي الأطلسي ، والآن عودة طالبان ، نقول : إذا كانت أفغانستان شهدت كل هذه الأحداث فكيف ستتمكن حركة مقاتلة غير مجربة أن تدير بلدا شهد تلكم الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مع هذا التنوع وهذه المساحة ؟؟ .
لا بد أن الحركة ادركت بأنها بحاجة إلى أن تكون غير طالبان القديمة التي كانت تحرم التصوير بكل انواعه ، وتمنع النساء من العمل أو الدراسة أو الخروج بدون نقاب وغير ذلك ، ونراها الآن تتساهل في كثير من القضايا التي عرفت بتشددها حيالها ، حيث شاهدنا الفتيات يعدن إلى المدارس بعدسة طالبان نفسها ، وشاهدنا زعماء في الحركة يجرون لقاءات صحفية مع مذيعات غير منقبات، ورأينا قنوات ووكالات تعمل من كابل ، كما ورأيناها تلتقي سفراء دول ومندوبين ، وتشرف على ترحيل وأجلاء الاجانب وحتى عملاء الاحتلال ، وهي صورة تريد طالبان تثبيتها في اذهان العالم والجزم بأنها تغيرت بالفعل وأنها الآن حركة وسطية تقبل بهوامش واسعة .
ولكن : نظير كل هذا .. هل ستحصل طالبان على مبتغاها ؟.
إذا قرأنا المعطيات حتى الآن ، فإننا سنجد أن مخاوف الغرب لا زالت في مكانها ، بل ونتوقع أن تتزايد المطالب على الحركة الى أن تصل إلى طريق مسدود خاصة بعد الاعلان قريبا عن " إمارة افغانستان الأسلامية " وما تعلنه الحركة عن أنها ستحكم بالشريعة ، فمن جهة : لا تستطيع الحركة إلا أن تعلن الحكم بالشريعة وفاء لعهودها وأدبياتها التاريخية إذ كانت بسبب ذلك تحشد المقاتلين والأنصار وهي تدرك أن اي مساومة على هذه الثوابت يعني تفككها ، وأمر كهذا - الحكم بالشريعة - لا بد يثير غضب الغرب ، الامر الذي سيفجر التفاهمات مرة أخرى وقد يعود بافغانستان الى المجهول من جديد ولكن .. ماذا عن أمريكا ؟ .. .
بالنسبة لهذا السؤال ، فقد ظل الامر كما ورد آنفا الى ان وقع انفجار المطار ، وهنا ادركت الولايات المتحدة ان محاربة داعش مصلحة مشتركة بينها وبين الحركة ، وأن بإمكانهما التحالف معا ضد العدو المشترك ، كما سبق وفعلا في مرات كثيرة حينما اجتاحت طالبان ولايات كان يسيطر عليها التنظيم السلفي المتطرف تحت غطاء جوي كامل .
هذا ليس خيالا ..
قد نرى تحالفا بالفعل على الارض معلنا أو غير معلن ، ففي السياسة وعند المصالح : ما غريب الا الشيطان .
جي بي سي نيوز