3 امبراطوريات تنهار في افغانستان
بهذه العبارة حاول الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن في خطابه الأخير تقليل حدة المرارة والغضب التي أصابت الأمريكيين بعد انسحابهم المُهين من أفغانستان، بالإمبراطوريات كان يُقصد بريطانيا والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، كما انه اضاف لقد حان الوقت لإنهاء هذه الحرب الطويلة الامد بعد 20 عاماً.
فالصورة الليلية لصعود آخر جندي امريكي الى الطائرة ستبقى راسخة في الأذهان وسيكون لها مكانة خاصة في التاريخ المعاصر.
كما ان الرئيس معروف بالجملة المشهورة « انني لن ارسل ابني الى افغانستان للدفاع عن النساء الافغانيات» وعلينا التعلم من الاخطاء وفي المستقبل علينا وضع اهداف يمكن تحقيقها والتي ترتبط فقط بالأمن القومي لأمريكا، استنتاجات وصل اليها الامريكيون منذ اكثر من 10 سنوات حيث بدأ التفكير الحقيقي بهذا في حقبة اوباما وترامب. وفي خطابه وضع الرئيس الشعب الامريكي امام خيارين لا ثالث لهما اما الانسحاب او ارسال عشرات الالاف من الجنود واستمرار الحرب.
فالحرب على الارهاب بعد احداث 11 سبتمبر 2011 مشروعة وهي الدفاع عن النفس وبقرار أُممي ولكن البقاء في افغانستان لمدة 20 عاماً خطأ فادحاً كان ثمنه مرتفع للغاية سواءً كان ذلك في اعداد الضحايا من الأفغان والتي بلغت أكثر من 200 الف قتيل ومن جانب الامريكان وجنود التحالف بما يقارب 7 الاف يضاف الى ذلك الكلفة المالية 2,3 ترليون دولار مصاريف امريكا لوحدها دون مراعاة تكاليف الدول الأخرى.
المعيب في المسألة هو الخضوع التام لشروط حركة طالبان اثناء ابرام المعاهدة في فترة حكم الرئيس ترامب والانسحاب الهزلي غير المنظم في عهد بايدن، وعدم التنسيق مع الحلفاء والذين تبلغوا في وقت متأخر عن شروط العقد يضاف الى ذلك التحضير الكارثي لعملية الانسحاب والفوضى التي عمت البلاد والتي كان اخر ضحاياها 170 قتيلا واكثر من 200 جريح منهم قتل 13 جنديا امريكيا و15 جريحا نتيجة للتفجيرين الانتحاريين في مطار كابول قبل أربعة ايام من انتهاء الانسحاب، ناهيك عن عدم الدقة في اختيار المتعاونين الأفغان الذين يجب ترحيلهم بل تم الترحيل بشكل عشوائي وربما بعناصر معادية للغرب وتتبنى الفكر التكفيري والذي ينسجم مع افكار طالبان.
الهدف الوحيد الذي تم تحقيقه هو دحر تنظيم القاعدة ولو بشكل جزئي واعتقال عدد من قادته أو تصفيتهم ولكن فكر ومعتقدات هذا التنظيم ما زالت موجوده عند البعض، أما اهداف بعيدة المدى مثل انشاء قومية ودولة ديموقراطية في أفغانستان على غرار اليابان وألمانيا وكوريا الشمالية فلم يتم تحقيقها، وهناك خطورة لعودة القاعدة رغم تعهد حركه طالبان بعدم تكرار الماضي وتوعدها التعاون مع الدول الحليفة لإنقاذ افغانستان من الفوضى وعدم وصولها الى مرحله الدولة الفاشلة، الايام والاشهر القادمة ستثبت صحة هذه التعهدات التي سيتم مراقبتها من دول العالم والامم المتحدة بشكل صارم وستكون المفتاح الرئيسي لاستمرار تدفق المساعدات والمعونات لهذا البلد الفقير ومساعدة شعبه على نيل حريته واستقلاله والعيش بكرامة في وطنه.
الدستور