كلّ شيء تغيّر
العالم كله يتغير.. تحول من عالم وقارات إلى دولة واحدة هي أمريكا.. وبعدها تغير إلى مدينة لا أحد يعرف لها اسماً.. وصرعوا رأسنا من سنوات بأن العالم تغيّر وتحوّل إلى ( قرية صغيرة ) : ولم يوافنا أحد عن حارات هذه القرية وعن مخاتيرها ورئيس المجلس القروي وأعضائه..،،
والآن..أصبح مصطلح ( قرية صغيرة ) فضفاضاً ولا يليق بالعالم..فتحوّل العالم من قرية صغيرة إلى ( شقة مفروشة )..وبعد سنتين سيتحول إلى ( بيت درج)..،،
كل شيء تغيّر..،، قبل أيّام ذهبت إلى مسقط رأسي في مخيم البقعة.. لم أعرف المسقط وكدتُ أشك بوجود رأسي..هناك شوارع رئيسة واسعة ( يطارد فيها الخيّال).. و(الحَمَار ) بفتح الحاء وليس بكسرها..لم يعد بذات ( الحُمرة )..وهناك دوّار أنيق يجثم على خاصرة الطريق التي كنتُ أمشيها حافياً وصولاً لـً ( أم الدنانير)..،،
كم كنتُ أتوق لأن أجد ( براكيّة الزينكو ) التي ولدتُ فيها..لأبحث عن ( المصرف )..والمصرف هنا معناها مصرف الماء وليس معناها ( البنك )..،، لأن أمي أنجبتني هناك..على المصرف تماماً..خرجتُ لكي أرى الفقر الذي لم يتغيّر سوى بإصابته بالورم..،،
حُجّة أن كل شيء تغيّر..حُجّة جميلة..ومقنعة للوهلة الأولى..،، فكل شيء تغيّر..نعم..عدد العمار بازدياد.. والجغرافيا لم تعد بذات الرؤية..حتى التاريخ الذي قرأناه أيامنا غير التاريخ الذي نقرؤه اليوم..وعدد الفقراء تغير.. والرجولة تغيّرت : وأصبحت لا تسير إلا بوخز الضمير المتأخر.. حتى النساء تغيرن..
كل شيء تغيّر.. فلماذا لا أتغيّر أنا..؟؟،،
الدستور