المعاني في توقيف الشيخ رائد صلاح في لندن
المدينة نيوز - شكّلت شخصية الشيخ رائد صلاح ودوره المحوري المتقدم داخل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948 عامل قلق كبير لدى سلطات الاحتلال "الإسرائيلية " وأجهزة الأمن في الدولة العبرية، انطلاقاً من الدور المتعاظم للحركة الإسلامية الفلسطينية داخل مناطق العام 1948 والدور الاستثنائي النشط والفعّال للشيخ رائد صلاح في صفوف الناس هناك.
ومن هذا المنطلق لم يأت اعتقال وتوقيف الشيخ رائد صلاح في لندن من فراغ، بل جاء في سياقات مكشوفة ومعروفة من عمليات التحريض التي كالتها له "إسرائيل " في الداخل الفلسطيني وصولاً للتحريض عليه في العالم الغربي وتقديمه باعتباره حالة "إسلاموية " متطرفة، تهدد الأمن القومي لكل بلد يزوره.
الحركة الإسلامية تحت العين الإسرائيلية
في البداية لا بد من القول بأن الحركة الإسلامية داخل فلسطين المحتلة عام 1948 التي نهضت وتطورت وتعاظمت بتسارع مفاجئ، كانت وما زالت تحت العين "الإسرائيلية " التي ترصد وقائع عملها ونشاطاتها، وتتدخل في أحيان كثيرة لإضعاف مهامها وعملها وسط الفلسطينيين، فأقدمت أكثر من مرة على اعتقال الشيخ رائد صلاح.
كما تنظر إليها أجهزة أمن الاحتلال بريبة كبيرة متخوفة منها، ومعتبرة إياها قنبلة موقوته جديدة "على شاكلة حركة حماس " في عموم المناطق المحتلة عام 1967وفق تعبير المصادر الأمنية "الإسرائيلية ".
فإرهاصات تطور الإسلام السياسي وأشكاله التنظيمية في فلسطين 1948 تواصلت لتحقق نقلتها النوعية الأولى أوائل السبعينيات من القرن الماضي، حيث تضافرت عدة عوامل أدت إلى تصاعد التيار الإسلامي هناك، فبدأت مقدمات الفعل التنظيمي والتأطيري لقوى وتيارات الإسلام السياسي تظهر بوضوح حرب يونيو/حزيران 1967، ووقوع الاتصال المباشر ما بين أبناء الوطن المحتل بين ضفتي الجزء الأول المحتل عام 1948 والجزء الثاني الذي جرى احتلاله عام 1967، حيث وجد عدد كبير من شباب وفلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 حوافز منشطة للتوجه إلى الدراسة في الكليات الإسلامية في الضفة الغربية مثل كلية الشريعة في الخليل التي تخرج منها الشيخ رائد صلاح، والمعهد الديني في نابلس والذي تخرج منه الشيخ عبد الله نمر درويش، أحد أقطاب وأعمدة التأسيس في الحركة الإسلامية داخل مناطق 1948.
كما كانت حرب العام 1967 في الوقت ذاته بداية للعمل التنظيمي الحقيقي للإسلام السياسي داخل فلسطين المحتلة عام 1948، وهو العمل الذي بدأ يتجسد عملياً على أرض الواقع منذ العام 1972، فقد تشكلت النواة الأولى له في قرية كفر قاسم بمنطقة المثلث وسط فلسطين على يد الشيخ عبد الله نمر درويش الذي يعتبر بحق المؤسس الأول والميداني للحركة الإسلامية بعد النكبة داخل حدود فلسطين المحتلة عام 1948.
فانتشرت خلايا وبذور الحركة الإسلامية في أكثر من مكان من أرض فلسطين المحتلة عام 1948 وخصوصاً في منطقة المثلث كقرى كفربرا، وجلجولية وطيبة المثلث، ومن ثم نحو منطقة اللجون في مدينة أم الفحم، وبلدة باقة الغربية، وبلدة جت، وبلغت عمليات التكوين التنظيمي أوجها مع اندلاع أحداث يوم الأرض الأول في 30 مارس/أذار 1976 في الجليل، وسقوط عشرات الشهداء، فبات الحدث إجمالا نقطة تحول ليس في صعود تيارات العمل السياسي والتنظيمي الإسلامي بل وشكل انتقالة نوعية لأبناء فلسطين داخل مناطق 1948 التي سعت من حينها لتنظيم نفسها ورفع مستوى نضالها ضد سياسات الدولة الصهيونية العنصرية، فولدت الحركة الإسلامية في أجواء التمييز والظلم، كما جاء ميلادها متزامناً مع تعاظم الصحوة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي.(الجزيرة)