أميركا تراهن على الإخوان
كشفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن المباحثات الجارية في واشنطن مع قادة الإخوان المسلمين.
خلاصة الصفقـة المنتظرة أن تقبل أميركا بوصـول الإخوان المسلمين إلى السلطة إذا فازوا في الانتخابات العامـة وأن يعترف الإخوان بأن لأميركا مصالح (مشروعة) في المنطقـة يجب مراعاتها.
قد لا تكون (الاتصالات) الأميركية الإخوانية جديـدة، فلها جذور تمتد خمس أو ست سـنوات، وكانت تأخذ صورة دعوات لرموز الإخوان المسـلمين لإلقاء محاضرات في أميركا. ولكنها تكتسـب الآن أهمية خاصة بالنظـر لقرب إجراء الانتخابات النيابية في مصر وهي الانتخابات التي يرفض الإخوان تأجيلها ريثما تهيئ الأحزاب الجديدة نفسـها، ويأملون بالفوز فيها.
تدل هذه المفاوضات على واقعية السياسـة الأميركية التي تتحـدث عن القيـم والمبادئ، ولكنها توضع على أسـاس حسابات المصالح. كما تدل على أن الإخوان راغبون في الحكـم ولو كان من نافذة واشـنطن.
بطبيعة الحال سوف نسمع تعليقات وتحفظات لحفظ ماء الوجه، فأميركا سوف تشـيد باعتدال الإخوان المسلمين وقبولهم للعبـة الديمقراطية وفي ذهنهـا إمكانيات الإخوان في سحب البساط من تحت أقـدام الإرهاب (الإسلامي).
والإخـوان سيقولون أن تفاهمهم مع أميركا لا يعني التبعية بل الاعتراف بها كقـوة عظمى لا يستطيع أحد تجاهلها، وأن مصالحها في المنطقـة ذات صفة تبادلية، وإن المهـم أن لا تتدخل في الشـؤون الداخلية.
التفاهـم لدرجة التحالف بين أميركا والإخوان المسلمين ليس جديداً، فقد حدث من قبل في مواجهة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، حيث قـدم الإخوان مجاهدين، وقدمت أميركا لهم المال والسلاح والتدريب.
الإخـوان يستطيعون الآن أن يقفوا في وجه الطموحات الإيرانية وأداتها في لبنان، وأن يحتـووا حماس في غزة، وأن يحاربوا القاعـدة بسلاحها، فلماذا لا تخطـب أميركا ودهم وتتبـادل معهم المصالح.
أميركا بدورها تضمن أمن إسـرائيل وسلامتها، واستقرار حلفائها، واستمرار تدفق البترول والبقـاء قوة فاعلة في المنطقـة.
نظـام حزب العدالة والتنميـة في تركيا يوفر الحجـة المناسبة للطرفين، فهو يمثل الديمقراطية في نظر أميركا والإسلام في نظر الإخوان، وبالتالي إمكانية التعاون بين الجانبين باعتبار تركيا نموذجـاً عملياً على إمكانية المزاوجـة التي ترضي كل الأطراف.(الرأي)