الأردن وفلسطين تجمعهما وحدة المصير المشترك ضمن ثوابت الحفاظ على الهوية الفلسطينية
تركز الجدل على رجل الأعمال الأردني حسن إسميك بعد نشره مقالة في مجلة فورين بوليسي وحملت عنوان «وحّدوا الأردن وفلسطين – مرة أخرى» التي طالب من خلالها ضم الضفة الغربية ومنح الجنسية الأردنية للفلسطينيين والمستوطنين اليهود في الضفة الراغبين في البقاء تحت الإدارة الأردنية ، باعتباره أفضل أمل لحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق قوله، وهو ما اثار الأردنيين الذين أدانوا مقالة الأخير بشكل بارز.
ففي معرض حديثه عن الوطن البديل في الأردن ، قال اسميك إن على عمان أن تضم الضفة الغربية مرة أخرى من أجل تحقيق السلام والازدهار الاقتصادي ومنح الفلسطينيين حقوقهم الديمقراطية، مشيراً إلى أنه من الطبيعي وجود تحديات واعتراضات كثيرة، ولكن يمكن تجاوزها والتغلب عليها. واعتبر أنه لا بد أن تلعب قوات أمنية أردنية حليفة دورا في الضفة لحراسة الحدود المشتركة «وعليه، لن تشعر إسرائيل بعد الآن بالحاجة إلى إنفاق 5.6% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع والتسلح».
والحقيقة أن المقال أيضا أثار حفيظة الفلسطينيين لان المقال في مضمونه تجاهل الهوية الوطنية الفلسطينية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني رغم إقرار العالم اجمع الاعتراف بفلسطين دوله تحت الاحتلال « ان اعتبار دولة فلسطين دوله تحت الاحتلال من شانه أن يضع حكومة الاحتلال في مأزق ويحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه ألدوله الفلسطينية تحت الاحتلال بعد اكتساب فلسطين للشرعية الدولية والاعتراف بحدود دولة فلسطين بحسب ما عرفتها الجمعية ألعامه للأمم المتحدة مما يترتب على دولة الاحتلال التزامات قانونية تجاه سكان الإقليم المحتل، والتي نظمتها بشكل أساسـي ثلاثـة مواثيق دولية تتمثل في المواد(56،42) من قواعد لائحة لاهاي والمرفقة كملحق لاتفاقية لاهاي الرابعـة لعـام 1907 المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية والخاصة باحترام عادات وقوانين الحـرب البريـة، واتفاقيـة جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين في أوقات الحرب، والبرتوكول الإضـافي الأول لاتفاقيات جنيف الأربعة 1977. وتفرض هذه الاتفاقيات التزامات قانونية وعرفية على دولة الاحتلال، لـذا يتوجب عليها الوفاء بالتزاماتها من خلال توفير الحماية للمواطنين في الأراضي المحتلة « وهذا القرار اسقط مقولة الاردن الوطن البديل بحسب المفهوم الإسرائيلي للحل.
ومن هذا المنطلق، اكد ناشطون ان فكرة الوطن البديل على الأرض الأردنية مستهدفة منذ زمن ، مشيرين إلى أن دعوة اسميك ومن يحركه من المطبعين والمروجين لن تقبل بأي شكل من الأشكال باعتبارها عمالة واضحة للكيان الصهيوني المحتل.ويرى العديد من المراقبين والخبراء والسياسيين الاردنيين ان دعوة رجل الاعمال اسميك لضم الضفة الغربية للحكم الأردني، ليس بالأمر المستجد ،إلا أنها حتما ذو دلالات وأبعاد كثيرة فتصريح الكاتب يأتي في سياق يصفه كثيرون بـ»الحساس والخطير».وغلبت نظرية المؤامرة على بعض التعليقات التي يرى أصحابها في انتقاد مقالة رجل الاعمال اسميك «خطة تهدف لهز ثقة الجيل الجديد وزعزعته تجاه ثوابت الوطنية التي لا تقبل التجزئة والترويج لثقافة بديلة» وفق قولهم.
ولإدراك سياسة المملكة الأردنية الهاشمية تجاه القضية الفلسطينية من الضروري التطرق إلى المبادئ والمرتكزات الحاكمة لسياسة الأردن تجاه القضية الفلسطينية ومنها قضية القدس، فالقدس هي لب القضية الفلسطينية ولابد من حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية والصراع، والقضية الفلسطينية بالنسبة للأردن قضية وطنية وقومية ودينية في آنٍ معاً. وأن السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط لن يتحقق ما لم تنسحب «إسرائيل» من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967 وفي مقدمتها القدس، وأن
الملك عبدالله الثاني دعا في مؤتمرات القمم العربية المنعقدة في كل من بيروت في آذار 2002، والقمة العربية المنعقدة في الرياض عام 2007، والقمة العربية المنعقدة في الدوحة سنة 2009، وفي اجتماع القمة العربية في الكويت عام 2014 إلى وضع استراتيجيات عربية موحدة لمواجهة المشروع الصهيوني بتهويد القدس وطرد أهلها، والاهتمام الأردني بعروبة المدينة المقدسة، والتمسك بالثوابت الأساسية التي ينطلق منها النظام السياسي الأردني في دعمه للقدس وفلسطين، ورفض الاعتراف بـ «إسرائيل» دولة يهودية ودعوة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته واتخاذ الخطوات اللازمة لوضع الآليات العملية لحل الصراع العربي – «الإسرائيلي»
وظف الملك عبدا لله الثاني جميع الوسائل من زيارات واتصالات ولقاءات بعدد من زعماء الدول الغربية وقادة الرأي ووسائل الإعلام فيها وبذل جهوداً حثيثة للحفاظ على هوية القدس والهوية الوطنية الفلسطينية ،و يحرص الملك عبدالله الثاني في كافة لقاءاته على بحث المستجدات المتعلقة بملف المفاوضات الفلسطينية «الإسرائيلية» والتشديد على أهمية تكاتف الجهود الدولية لدعم مساعي تحقيق السلام العادل والشامل والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط وشعوبها استناداً إلى حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة «إسرائيل». هذه الثوابت السياسية الأردنية تتعارض بالطبع مع الطرح الذي طرحه اسميك وتتبناه بعض مراكز الدراسات ،
وفي هذا الإطار نرد نحن الفلسطينيين على مقالة اسميك حقا أن الأردن وفلسطين عبر التاريخ وحده جغرافيه واحدة لا يمكن فصل بعضهما عن بعض بفعل الحدود المشتركة والتضاريس التي تجمع بين فلسطين والأردن ، وعبر التاريخ فان فلسطين خط الدفاع الأول عن امن الأردن ووحدته الجغرافية ، وان سند فلسطين هو الأردن وان القواسم المشتركة بين الشعبين الأردني والفلسطيني لا يمكن لأحد شق وحدتهما بفعل المصاهرة والنسب بين الشعبين الأردني والفلسطيني وبفعل العلاقات المشتركة والتاريخ المشترك والدم الواحد المشترك في الدفاع عن الحق الفلسطيني التاريخي للشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية وهنا تبرز أهمية وضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية والثقافة الفلسطينية ضمن الحفاظ على مناعة ألدوله الاردنيه والكينونة الأردنية وهي ضمن الثوابت للسياسة الأردنية وما يجمعهما الغطاء العربي الواحد ضمن وحدة المصير العربي المشترك.
الدستور