زهرة والقناص
بعد علاقات فاشلة, علاقة حب عابرة وزواج في افريقيا, يروق لزهرة في رواية حنان الشيخ (حكاية زهره) ان تغامر بالاقتراب من (قناص) خلال الحرب الاهلية اللبنانية وتحديدا في منطقة التماس بين الشياح وعين الرمانة في بيروت... وسرعان ما تحولت العلاقة الجديدة الى علاقة حميمة...
بعد اشهر اخبرت زهرة القناص بانها حامل في الشهر الرابع فأكد لها انه سيقوم في اليوم التالي بزيارة اهلها وطلب يدها والمباشرة في الزواج فعادت مسرعة وسعيدة حتى انها لم تنتبه كعادتها للسلالم ومخاطر القناصين.
وقبل ان تغيب عن نظر صديقها القناص, اصيبت برصاصة (قاتلة) قدرت متأخرة انها من هذا الصديق بالذات وراح شريط ثقيل بطيء من الذكريات يدور في رأسها.. لم يكن صديقها العابر ولا زوجها اللبناني الذي يعيش في افريقيا نموذجين لرفيق العمر الذي تتمناه ولكنهما لم يكونا مسلحين ولم يطلقا الرصاص عليها.
هكذا وعلى خلاف قول ماوتسي الشهير بعد الثورة الطلابية الاولى في الصين (دع مائة زهرة تتفتح في بستان الثورة) ثمة زهرات مغدورات في بستان الثورة الملونة او المضادة اليوم...
فلا يوجد نظام عربي واحد يستحق البكاء عليه كما صديق وزوج زهرة الاول.. لكن كان على زهرة ان تختار شارعا وصديقا حقيقيا لا قناصا تتابع طرائده وضحاياه في صحافة الصباح كل يوم.
ومن جملة ما اتذكر ايضا من هذه التداعيات بين الرواية والسياسة, قصة للروائي الايطالي البرتومورافيا (مؤرخ النساء في الواقع) وملخصها ان قناص نساء مغفلات راقب امرأة دفعتها ظروفها لممارسة الدعارة للانفاق على ابنها وتابعها حيث حاولت الانتحار على حافة جرف سحيق, وانقذها واظهر لها حبا جارفا الى ان اقنعها بتسجيل اموالها باسمه لاقامة مشروع شريف واخذها الى حافة الجرف نفسه للاحتفال بالذكرى الاولى ثم دفعها الى اسفل الجرف.
وهذا نموذج اخر من الزهرات المغدورات في البستان المسموم.. لا للقديم ولكن الجديد لا يولد بين القتلة والمحتالين.(العرب اليوم)