انقلاب السودان ومن قبله تونس
فاجأ عسكر السودان الجميع اليوم بإعلان احتكارهم السلطة، وحل السلطة المدنية التي تم التوافق عليها بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير.
السلطة التي كانت برأسين؛ عسكري ومدني، وكان الرأسان لا يثقان ببعضهما البعض، وكانا يتربصان ببعضهما، استطاع الرأس العسكري أن يحسم الأمر، ولو مؤقتا.
العسكر عللوا تحركهم بالقول إن "تكالب بعد الأطراف وتنازعها، عطل مناحي الحياة، ودفعنا لاتخاذ هذه الخطوات".
وشددوا على أن ما يمر بالسودان "خطر حقيقي، يبدد مطالب الشباب بالسلام والحرية والعدالة"، مضيفين أن "المرحلة الانتقالية قامت على التراضي المتزن حتى الوصول للانتخابات، لكن الأمور انقلبت إلى صراعات، والانقسامات تسببت بخطر وشيك على البلاد".
وأكدوا التزام القوات المسلحة السودانية بتحقيق "شعارات الشباب بالحرية والعدالة والسلام، وستمضي قدمًا في الانتقال الديمقراطي إلى حين تسليم السلطة إلى حكومة منتخبة".
ذات الأسباب قدمها الرئيس التونسي قيس سعيد من قبل حين انقلب على المؤسسات الدستورية فحل الحكومة وجمد عمل البرلمان؛ إذ علل ذلك بأن الخلافات والمماحكات عطل دواليب الدولة، وأن خطرًا داهمًا يواجه تونس، وأن قراراته مؤقتة وسينتهي العمل بها "حين يزول الخطر الداهم في البلاد".
في كلا الحالين تم احتكار السلطة من جهة؛ في تونس مدنية، وفي السودان عسكرية، لكن النتيجة واحدة.
في كلا الحالين قرر فريق واحد أن هناك خطرًا داهمًا يستوجب التدخل، وقرر معه أن يتدخل ويستولي على السلطة.
في كلا الحالين قال المحتكرون للسلطة إن إجراءاتهم مؤقتة، وأنهم سيسعون لتحقيق شعارات الثورة.
في كلا الحالين قدم المحتكرون للسلطة أنفسهم على أنهم المنقذون، وأنهم الأمينون على الشعب وتطلعاته.
في كلا الحالين لا يريد المحتكرون للسلطة أي شريك حقيقي لهم فيها، بل يريدون من يهتف باسمهم ويصفق لهم.
محتكرو السلطة لا يثقون بأحد، وفي الحقيقة أنه لا يجب أن يثق بهم أحد.
السبيل