التعديلات الدستورية ووجوبية التحديث
قلة هي الحظات التي فتح فيها الدستور الأردني للتعديلات، وقلة هي اللحظات التي يمكن ان تكون فرصة مواتية لاحدث مراجعة التشريع والمدونة الدستورية في أي دولة. وهي الأردن لطالما كانت نادرة وكان أوسعها في عهد المئوية الأردنية عام 2011 وهذا لا يعني أن التعديلات الطارئة التي جرت على دستور العام 1952 في الاعوام 1967 و1988 كانت مريحة للناس او مطلوبة بل كانت بسبب الضرورة المتعلقة بحدثي النكسة وقرار فك الارتباط.
في العام 2021 أمر الملك عبدالله الثاني حفظه الله بتشكيل لجنة ملكية للتحديث السياسي، بهدف اعادة الحيوية لمسار الإصلاح الأردني، ومن بين محاور عمل اللجنة كان محور الإصلاح الدستوري، وهو أمر خضع لتمحيص وعمل دقيق من طرف اللجنة الفرعية في اللجنة الملكية للتحديث، ولاحقا جرى النقاش وقرار التعديلات بالتوافق في اللجنة العامة التي سلمت وثيقتها للملك ورفعت الوثيقة لاحقا للحكومة التي اجرت تعديلا طفيفا يتعلق بانشاء مجلس الأمن الوطني، وباتت التعديلات بيد مجلس النواب وخاضعة للنقاش.
إن التعديلات وحزمة الإصلاح المطلوبة، لم تأت في ظرف طارئ، بل اخذت كل فرص النقاش والتفكير الوطني، وهي خطوة جديدة في تصحيح مسار الإصلاح، وهي تعديلات دستورية كان الملك طلبها في رسالة تشكيل اللجنة الملكية للإصلاح لكي تكون حياتنا الديمقراطية أفضل.
لذا، جاء مشروع تعديل الدستور الأردني الذي سيناقشه مجلس النواب وفقا للأسباب الموجبة، التي تؤدي لترسيخ مبدأ سيادة القانون وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات، وتعزيز استقلالية العمل البرلماني بما يضمن فعالية الكتل النيابية البرامجية ويكفل الدور الدستوري الرقابي لأعضاء مجلس الأمة وتطوير الأداء التشريعي وتعزيزه والنهوض به، ولتمكين المرأة والشباب وذوي الإعاقة وتعزيز دورهم ومكانتهم في المجتمع.
سوف تمنح التعديلات النواب فرصة للعمل الأفضل ولتقييم عمل رئيس المجلس ومنح الحق باقالته، كما تعمد التعديلات إلى وصولنا لاردن ببرلمان حزبي برامجي تكون فيه الأحزاب السياسية محمية من أي تأثيرات سياسية، وتكون جهة الإشراف على السجل الحزبي مناطة بالهيئة المستقلة للانتخاب، ما تضمن التعديلات التزام الدولة بتمكين المرأة وتعزيز مشاركة الشباب وهو امر مطلوب لكي يكون الأردن أفضل واكثر منعة في المستقبل.
لا تحوي التعديلات الدستورية مشروع انقاذ للعرش او الحكم أو الاردن، ولا تسعى لتوطين احد او استبدال الناس بارض اخرى، بل هي بمثابة ورقة رابحة في مسار بناء الثقة واستعادة العمل السياسي لما يجب أن يكون عليه الوطن والمشروع الإصلاحي، فالاردن يجري تعديلات واصلاحات في المنطقة العربية في وقت تواجه به البعض منها ردة عن الديمقراطية.
الدستور