اليد المرتجفة لا تبني أوطانًا بل تدمرها
لا أميل بل لا أحب أن أتحدث بالصوت والصورة عن القضايا العامة والخاصة، لأنني ربما سيحسبني بعضهم على أولئك الذين يعتقدون بأنهم أكثر من شركاء في القرار، بل هم القرار وهم الدولة، فتجدهم عبئا على بيوتهم وأهلهم، ورغم ذلك لا يعجبهم العجب، ويتقولون على كل خبر رسمي او خاص و(مو عاجبهم اشي)، يريدون اصلاح كل الدنيا وفق جنونهم وأمراضهم وشرورهم، التي يعتبرونها ربم عقيدة سماوية جديدة!
هذه الأصوات النافرة؛ والمنفرة من كل شيء، لا تؤثر إلا على المسؤول المرتجف، العاجز عن اتخاذ القرار، والذي وبسبب ارتجافه حد العجز فتح الباب على مصراعيه لكل متقوّل وكذاب ومشكك، فازدهرت تجارة الدكاكين الاعلامية الهابطة، وتعززت عصابات الابتزاز التي تستثمر في خوف المسؤول المضبوع.. فأصبح الهدف الصحفي والاعلامي عموما هو جذب المنفلتين وإمدادهم بأخبار التشكيك والجدل، بينما تتراجع الأخبار الصحيحة والإيجابية إلى زوايا الإعلام المعتمة وزوايا النفوس الظلامية، فتموت معها الفكرة والثقافة والأخلاق، لأن المتاح بين أيدي الناس وفي وسائل الإعلام مجرد رغائب، وسلع يستفيد منها الكذبة والمشككون بابتزاز الدولة والمسؤولين الضعفاء.
أمس، استمعت لتعليق من وزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات لأحد البرامج التلفزيونية، والذي يبث برنامج متابعات اعلامية، وأفرد محورا للحديث عن خبر من النوع الذي أتحدث عنه، حيث كان خبرهم (وزير الزراعة يصرح بأن هناك مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي بشأن الحرائق..الخ)، فالتقطت رد الوزير في تعليقه المذكور، وفهمت الحكاية من أول كلمتين قالهما الوزير، حيث قال معاتبا معدّ البرنامج ومحرر الخبر بأن (لماذا يتم نسيان الجزء المهم في الخبر، وهو قرار الحكومة بدفع مليون دينار كتعويضات للمزارعين الذين تأثروا من الحرائق، وللمزارعين في منطقة الوالة، الذين تعرضت مزروعاتهم للخراب بسبب نقص المياه الناجم عن نضوب مياه سد الوالة)!..وأضاف الوزير هذا هو قرار الحكومة وهو الخبر، أما عن المفاوضات مع الجهات التي جاءت الحرائق من طرفها وامتدت الى الاراضي الأردنية، فهناك متابعة معها عبر القنوات الديبلوماسية الأردنية، وهي تجري في كل مرة تقع فيها مثل هذه الحرائق، ويجب التركيز على ما يتعلق بجهود الحكومة لحماية المزارعين ودعمهم وليس على التكهنات التي تثير الجدل وتخفي الحقائق والإيجابيات.
قلنا سابقا بأنها ليس بطولة ولا أمرا خارقا للعادة، أن تتنمر على حكومة او وزير أو موظف كبير، لكننا اليوم نقول بأنه «بطل» وابن بلد ووفيّ لوطنه وأمين عليه، المسؤول الذي يتصف بأنه صاحب قرار، لا يصغي أو يتأثر بما تتلوه الشياطين على مسامعنا من تشكيك وتدليس.
الدستور