نبوءة عام 2022
ينتظر الملايين في العالم الأسلامي وربما خارجه ، نتيجة النبوءة العددية التي تبناها أحد المتخصصين " الشيخ بسام جرار " والتي جزم فيها بأن زوال إسرائيل سيكون في هذا العام 2022 .
ولمن لا يعرف هذه المسألة فما عليه سوى البحث في محركات الأنترنت والكتابة عن زوال اسرائيل في العام 2022 ليعرف كم أن هذه القضية تشغل الكثيرين الذين باتوا ينتظرون نتيجة هذه " القراءة" بعد أن تنبأ بها البعض منذ سنوات ، وآخرهم جرار ، وها هو عام 2022 يخيم على الأرض بإسرائيل وغيرها .
ما تبقى من الزمن لهذا الزوال المفترض لا يتعدى أسابيع قليلة ، وبات المترقبون يتخوفون من أنه لن يحدث لكونه لم يرد نصا صريحا في آية أو في أحاديث نبوية شريفة ، ويعتبر هؤلاء أن ما ذهب إليه جرار ليس سوى هرطقة وتأويل للقرآن لم يقله القرآن أصلا وضرره أكثر من نفعه ، وهو ليس سوى " أضغاث أحلام " كما يحب البعض أن يطلق عليها قدحت في ذهن جرار بعد ما اشيع عن نبوءة العجوز اليهودية العراقية التي أجهشت في البكاء حين إعلان قيام اسرائيل في العام 1948 ، والتي عندما سئلت عن سبب ذلك قالت إن التوراة تقول بان عمر إسرائيل لن يستمر أكثر من 76 عاما ، ومن هناك بدأ البحث العددي .
وبغض النظر عن اختلاف القراءات القرآنية ، وضمنها طبعا اختلاف عدد الأحرف ، ومع التسليم بان القرآن الكريم بقراءاته السبع المتواترة هو كتاب الله العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والذي تعهد سبحانه بحفظه ، إلا أن إقحام القرآن في تنبؤات عن زوال كيانات هنا وهناك يعتبر أمرا خطيرا وله تبعات وانعكاسات وارتدادات غير محمودة ، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بكيان مثل هذا الكيان الذي سيجدها فرصة مهمة للتهكم علينا وعلى موروثنا الديني مع أن هذا الموروث براء مما نقحمه به دون نص واضح ، في حال لم تتحقق هذه النبوءة العددية وتزول اسرائيل في هذا العام .
ولكي نكون عقلانيين ، فإن بسام جرار ، كما يقول البعض ، ورط نفسه في هذا التاريخ مع أنه يقول بأن احتمال زوال الكيان يصل إلى 95 % ، وهذه نسبة كبرى لن تشفع له ولتلاميذه في حال كانت النبوءة العددية غير صحيحة .
واللافت أن وسائل إعلام إسرائيلية وقنوات ومواقع عربية وأجنبية كبرى أجرت لقاءات مع جرار بشأن توقعاته هذه ، ما جعل من ترقب الكثيرين حدثا يستحق المتابعة وهو ما فعلناه في هذه المقالة ، ولكون الأمر مطروحا هنا بمقالة صحفية وليس ببحث علمي أو أكاديمي فإننا نكتفي بما سردناه حتى الآن ونلخص المسألة بالتالي :
هناك شيخ فلسطيني يدعى بسام جرار ، هو اشهر من نار على علم ، كرس عقودا من عمره في دراسة الإعجاز العددي في القرآن الكريم وتوصل إلى أن زوال إسرائيل سيكون في العام 2022 ، وها قد حل هذا العام فماذا سيفعل جرار والملايين الذين يتابعونه في حال لم تزل إسرائيل عن الوجود ؟؟ .
للحق ، فإن العشرات من المهتمين اعتبروا الرجل متهورا راجما بالغيب ، بينما ايده آخرون ، دافعوا عنه بقوة ، واعتبروا أن صدق التوقع من عدمه لا ينفي الإعجاز العددي في القرآن الكريم وهو إعجاز مثبت فعلا ، ولكن ليس على طريقة علم الغيب الذي لا يعلم به إلا الله .
ونعتقد - بدورنا - أن مثل هذه القراءات والتوقعات ليست سوى ملهاة وقع بها ملايين المسلمين ، و من يدري ، فلعل ذلك حدث بتشجيع اسرائيلي ، ولا نقول بمؤامرة ، بل بتشجيع خفي حتى عن مطلقيها ، على اعتبار أن مثل هذه "النبوءات " تخدم أجندة الإحتلال في إلهاء الناس وجعلهم يركنون للغيبيات امام قضم الأرض ونسف الأقصى وبناء الهيكل وإلقاء الفلسطينيين خارج الحدود .
هي محض هرطقة ، كما يقول معارضو جرار ، لسبب وجيه : وهو أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، ولكون التغيير له أسباب ومقومات ووسائل ، وهو ما لا يتوفر الآن ، فلا تتفاجأوا إن زاد توسع الكيان بدل زواله وانحساره ، أما آيات الإفساد في الأرض مرتين فلها تفاسير أخرى غير التي ذهب اليها جرار وأنصاره " ولا سيما آية : " وإن عدتم عدنا " بحيث يعتبر كثير من المفسرين المعتبرين بأن الخطاب هنا موجه للمسلمين وليس لبني اسرائيل .
وأيا كان الأمر ، فإن زوال هذا الكيان المسخ واقع لا محالة ، بغض النظر عما يقوله هؤلاء ، إذ إن طبيعة ألأشياء تقول بأن هذا الكيان لا مقام له في فلسطين أبدا ، وإن علامات زواله "الموضوعية " وليس " الغيبية " هي تحصيل حاصل ، وهذه حتمية تاريخية لا مرد لها بعد أن جفت الأقلام ورفعت الصحف .
جى بي سي نيوز