رئيس موضوعي ومجتهد..
تابعت مقتطفات من تصريحات رئيس الوزراء لإحدى وكالات الأخبار الالكترونية الخاصة، وقلت الخاصة لأبدي تحفظي عن عدم إجرائه لمقابلات صحفية في صحفنا الرسمية، كالدستور وغيرها.
عن المقتطفات التي تابعتها يمكن القول بأن الرئيس فاجأني بصراحة، حيث لم أكن أتوقع موضوعيته وصراحته، ولا عمق عبارته السياسية، وشفافيتها.. فالرجل حين يتحدث عن غيابه عن وسائل الإعلام، فهو بذلك يؤكد بأنه ليس من طلاب النجومية، ويخرج في منعطفات ومفاصل وأحداث متعلقة بعمله كرئيس للحكومة، بينما يترك لوزرائه التحدث عن قطاعاتهم وقضاياها.
وكذلك حين يسرد بعض إنجازات حكومته خلال العام الماضي، فهو يتحدث بحقائق قد لا تعجب الغالبية الذين لا يعجبهم العجب، وقد توقفت عند بعض ردود الأفعال "المتوقعة" من قبل هؤلاء، وعقدت مقارنة سريعة بين هذه الحكومة وسابقتها، في تعاملها مع ملف الجائحة وتداعياتها الكثيرة،فكل المواقف والإجراءات الناجحة جاءت من هذه الحكومة، وليس من سابقتها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر موضوع فتح القطاعات والتخلص من الحظر ومظاهره وتعليماته وآثار أوامره الدفاعية على شريحة كبيرة جدا من المواطنين.
أنا متأكد بأن انفتاح وتوازن وموضوعية تفكير رئيس الحكومة، دفعت بالبلاد إلى تحقيق إنجاز متعلق بإعادة فتح القطاعات وإعادة التعليم وجاهيا، والعودة الكاملة للقطاعات كلها بالعمل بكامل طاقتها، وصولا الى تحقيق درجة مقبولة ومهمة من التعافي الاقتصادي.
تصرفت الحكومة بشكل قانوني مطلوب مع قضايا حرجة تواجه الدولة الأردنية للمرة الأولى في عهد الملك عبدالله الثاني، واختارت الحكومة منطقا سياسيا قانونيا وازنا، لم تعتد خلاله على صلاحيات أية جهة، ولم تستجب للمغالاة والاستعراض والمزايدات، فقدمت صورة عن دولة قانون ومؤسسات، في ظروف صعبة لا أعتقد أن الحكومات التي عرفناها، كان من الممكن أن تقدم مثل هذا الأداء الرصين، وتجنب البلاد ازمات وعواصف فائضة عن الحاجات كلها.
ومنذ أيام قدمت الحكومة شيئا غير متوقع منها ولا يتوائم مع الظروف المالية للدولة، ومع ذلك خفضت نسبة من الجمارك على مجموعة من السلع، سينعكس أثرها الإيجابي على الاستهلاك وعلى الاقتصاد برمته، حسب كثير من الجهات التجارية والاقتصادية المستقلة عن الحكومات.
يذكر رئيس الحكومة بأن حكومته تعمل وفق منهجية وخطة والتزام حتى آخر يوم لها في الدوار الرابع، ولا يرى ما يدعو للحديث عن إقالة أو استقالة حكومته أو حل مجلس النواب، وبغض النظر عن استمرار الحكومة من عدمه، فالرئيس يعمل ويؤدي بمنأى عن فكرة الاستمرار..
لا أقول بأن الأداء الحكومي مثالي، لكنني حين أقارن أداء هذه الحكومة بغيرها، فبالتأكيد قدمت هذه الحكومة أداء سهلا ممتنعا إيجابيا بعيدا عن الضوضاء، ولا يحفل بالمشككين والمنفلتين، فمقاييسهم وأحكامهم تلقائية تتقصى نزع الثقة بكل إيجابية تقدمها الدولة ومؤسساتها، وهذه طريقة تعبير وتفكير ستبقى بعيدة عن المنطق وتسهم في إبعاد السائرين فيها عن الحق والعدالة والمنطق والموضوعية، وسيكتشف هؤلاء بعد وقت قصير بأنهم خارج حدود اللغة والخطاب السياسي والفكرة الوطنية السديدة.
الدستور