عمارتا البرج والشابسوغ
في بداية السبعينات استثمرت الحكومة في العقارات، وبنت عمارتين شكلتا معلمين مهمين من معالم العاصمة،هما عمارة البرج في جبل عمان وعمارة الشابسوغ في وسط البلد .
هاتان العمارتان شكلتا في الذاكرة الاردنية لابناء جيلنا والجيل الذي سبقنا حالة خاصة وفريدة من البناء الذي يرتفع الى اثنين وعشرين طابقا،في وقت كانت المباني في عمان لا ترتفع سوى بطابقين او ثلاثة طوابق.
بالامس كنت بالقرب من عمارة البرج،فوجدت بناء معماريا فريدا خاصة ونحن نتحدث عن فترة نصف قرن مضى، تعجبت لهذا البناء وقوته وكيف صمد امام عوامل الطبيعة نصف قرن،فقادني الفضول لسؤال احد اصحاب المحلات التجارية عن البرج وادامته ومن يقوم عليه من خدمات،فاخبرني ان هنالك شركة حكومية تمتلك البرج مثلما تمتلك عمارة الشابسوغ في وسط البلد،فسألته بفضول الصحفي عن استدامة الخدمات في البرج،ليفاجئني ان الادارة دائمة المحافظة على خدمات البرج، وان هنالك صيانة دورية للحفاظ عليه،ودليل ذلك بقاؤه لنصف قرن كما هو شامخا بشموخ عمان واهلها .
اعجبني الانطباع الايجابي عن الإجراءات الحكومية للحفاظ على المباني، وادركت ان الصورة ليست سلبية دائما، وان ثمة رجالا اردنيين يخافون الله في وظائفهم ومواقعهم، يعملون بصمت لانجاز مهامهم، فلا يستعرضون،ولا يحاولون رسم بطولات وهمية،بعيدة عن الواقع .
عمارة البرج وعمارة الشابسوغ قصة نجاح كبيرة كتبها اردنيون لا يطلون علينا من شاشات الفضائيات ليمطروننا بنظريات الاستثمار.
لا اعرف احدا منهم،غير ان الفضول قادني للتجول داخل المبنى الذي يضم دائرة ضريبة الدخل ،كأحد الاستثمارات التي تستأجر عدة طوابق بالعمارة ذات الاثنين وعشرين طابقا .
الكاتب الصحفي يبحث في العادة عن المعلومة التي تثير القارئ، غير انني لم اجد إثارة اكثر من ان اقدم شكري للقائمين على عمارة البرج ؛نظافة وصيانة واستدامة وحفاظا على ارث عمره نصف قرن .
احببت في هذه المقالة ان اعيد رسم صورة الموظف الاردني الذي يبذل جهده الوطني لتأكيد حالة الانتماء الموجودة في قلوبنا جميعا، غير ان هذه الحالة نسبية ومتفاوتة من اردني الى اخر .
شكرا كبيرة للقائمين على هذا الصرح البارز في عمان،وانا لا اعرف منهم شخصا واحدا، لكنني وجدت في الشكر عبر هذه المقالة وسيلة تفي هؤولاء الرجال جزءا يسيرا من حقهم علينا.
ولعل ذلك يقود ادارات حكومية لتبذل جهودها لتأكيد حالة الانتماء كل في وظيفته، وفي موقعه كما عرف عن نشامى الوطن اينما حلوا وكيفما كانوا.
الدستور