ان الحماس للحق لا يبرر الخروج عنه !!!
ان آفة الكلام سطوة الهوى ونشوة النفس حيث تكون بالتميز والترفع عن كثير من الامور حتى لا تصغر ، فعندما ينقد شخص افكار الاخرين واقوالهم وافعالهم وكشف اخطائهم ، يجد في ذلك متعة للنفس ، لكن هناك من يتجاوز ذلك الى حد التجريح والتسفيه والاتهام ، دون ان يقف عند حد الشرع وأدب الحوار، ومن يتخلص من هذه الآفة السيئة ، فأن حواره سيثمر وينتفع الناس بكلامه ويكون متزناً وموضوعياً .
فلقد ضاعت كثير من الحقائق من بين المبالغين في الذم والانتقاص ، فالغاية قول الحق والوصول اليه وان لا يقع بالخطأ والتعصب والاساءة والتجريح ، بل يقدم الأدلة والحجة والاقناع ليوافق ما يقوله .
ان الحماس للحق لا يبرر الخروج عن الحق ، فمن يريد الحق او الدفاع عن الحق فعليه ان لا يتورع من الوقوع في اباطيل كثيرة في سبيل تحقيق منفعة شخصية والوصول الى غاية في نفسه .
فالحق لا يحتاج في اثباته الى باطل يقويه ، لان الحق يستمد قوته من ذاته والباطل ضعيف ، يكفي ان تدحضه بكل حيادية وموضوعية ، لانه سينكشف يوماً ويظهر زيفة وتمحى معالمه واثاره ، فهي مبنية من خيوط العنكبوت الواهية فعلينا دائماً ان ننقد ما يطرح من افكار ونبتعد عن الحكم عن قائلها حتى لا نقع في هوة الخصومة الشخصية ونسعى لاقصائه والانتقاص منه .
وكم هي الحالات التي انقلب بها السحر على الساحر ، فمن يزرع الشوك فلن يحصد الا ما زرع ، فقولك الحق بعقلانية حتماً ستجد من يوافقك الرأي وينقاد اليه .
لقد شاهدنا بعض الشخصيات السياسية ، تنتقد اداء او سلوكا او طروحات مختلفة من متغيرات واصلاحات ، وكانت انتقادات لاشخاص باسلوب هجومي وصدامي ، وليس تحليلاً مقنعاً مدعم بالادلة والاستدلال السليم .
وهم يوماً ما من ربوا اتباعاً لهم على التعصب والانتقاص من الآخرين ، وغالباً ما يشرب من نفس الكأس التي ملأها وربى جماعات حوله عليها ، فالجزاء من جنس العمل ، فعلينا ان نكون واقعيين في طرحنا ونقدنا متزنين في سلوكنا .
الدستور